تصاعدت خلال الساعات الأخيرة دعوات شعبية غير مسبوقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، موجهة مباشرة إلى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تحثه على عدم تلبية الدعوة الرسمية التي تلقاها من نظيره العراقي عبد اللطيف جمال رشيد لحضور القمة العربية المرتقبة في بغداد منتصف ماي المقبل.
الوسم "تبون لا تذهب إلى العراق" الذي اجتاح المنصات الرقمية بسرعة، لم يطرح من باب الرفض الدبلوماسي أو السياسي للعراق الشقيق، بل جاء كرد فعل شعبي محكوم بالقلق من الظروف الإقليمية الحساسة، والتحولات الأمنية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، في ظل تصاعد التوترات وتعدد بؤر الصراع المفتوح.
الجزائريون الذين رفعوا هذا النداء، عبروا عن تخوفاتهم من تكرار سيناريوهات تاريخية أليمة، على غرار الرحيل الغامض للرئيس الراحل هواري بومدين عام 1978 عقب زيارة إلى العراق، أو حادثة اغتيال وزير الخارجية الأسبق محمد الصديق بن يحيى عام 1982 خلال وساطة لوقف الحرب العراقية-الإيرانية، حين أسقط صاروخ طائرته فوق الأجواء الإيرانية.
ورغم أن الرئيس العراقي يعتبر من أبرز الحلفاء العرب للجزائر وكان حاضرا في قمتي 2022 و2024 بالجزائر، إلا أن المطالب الشعبية تدعو هذه المرة إلى تغليب السلامة على المجاملة السياسية، خاصة مع تصاعد النفوذ الأجنبي والاستخباراتي في العراق، وتحوّله إلى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الدولية.
مواطنون ومثقفون عبروا عن قلقهم عبر منشورات مؤثرة، رأوا فيها أن "أمن وسلامة رئيس الجمهورية خط أحمر"، وأن العراق – رغم مكانته التاريخية والأخوية – "لم يعد أرضا آمنة لزيارات القادة"، في ظل ما وصفوه بـ"المخاطر غير المحسوبة والمحتملة".
وتبقى هذه الدعوة الشعبية، إن دلت على شيء، فإنما تعكس وعيا جماعيا حريصا على حماية رئيس الدولة، وتقديرا كبيرا لمكانته، ما يجعل من وسم "تبون لا تذهب إلى العراق" ليس مجرد شعار، بل موقفا وطنيا صادقا نابعا من عمق الانتماء والخوف على من يقود البلاد.