وقعت أستراليا والمملكة المتحدة، اليوم السبت، اتفاقية دفاع ثنائية تمتد لخمسين عاما، تهدف إلى تطوير وبناء غواصات تعمل بالطاقة النووية، في إطار تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين ومواجهة التحديات الأمنية المتزايدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
جاء الإعلان عن الاتفاقية خلال مراسم رسمية جرت بمدينة "جيلونج" في ولاية فيكتوريا جنوب غرب أستراليا، بحضور وزيري الدفاع الأسترالي ريتشارد مارليس، والبريطاني جون هيلي، اللذين أكدا أن الاتفاق يُعد نقلة نوعية في مسار التعاون العسكري والصناعي بين البلدين.
وتندرج هذه الاتفاقية الثنائية تحت مظلة التحالف الأمني الثلاثي المعروف باسم "أوكوس" (AUKUS)، والذي يجمع كلًا من أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، ويهدف إلى توسيع القدرات الدفاعية المشتركة، لا سيما في مجال التكنولوجيا البحرية المتقدمة والردع الاستراتيجي.
وأكد الوزير البريطاني جون هيلي أن البرنامج سيُحدث أثرًا اقتصاديًا واسع النطاق، موضحًا أنه "سيوفر عشرات الآلاف من فرص العمل في كل من بريطانيا وأستراليا، ويعزز القدرة الصناعية والتكنولوجية في البلدين". كما أشار إلى أن التعاون الوثيق في هذا المشروع سيُسهم في ضمان التفوق العسكري للحلفاء الغربيين لعقود مقبلة.
من جهته، وصف الوزير الأسترالي ريتشارد مارليس الاتفاق بأنه "الخطوة التمهيدية لأكبر مشروع صناعي في تاريخ أستراليا"، مشيرًا إلى أن الغواصات النووية ستُسهم في ترسيخ قدرة البلاد على الدفاع عن مصالحها في بيئة إقليمية متغيرة، تشهد تصاعدًا في التوترات الجيوسياسية والمنافسة البحرية.
ويُعد هذا المشروع امتدادًا لرؤية تحالف "أوكوس"، الذي أُعلن عنه عام 2021، والذي أثار حينها جدلاً دوليًا واسعًا، خصوصًا بعد إلغاء أستراليا صفقة غواصات تقليدية مع فرنسا لصالح التكنولوجيا النووية الأمريكية والبريطانية.
ويرى مراقبون أن توقيع هذه الاتفاقية يعكس تحولًا استراتيجيًا كبيرًا في التوجه الدفاعي الأسترالي، ويُعد مؤشرًا على تصاعد القلق الغربي من النفوذ المتزايد لبعض القوى الإقليمية، وعلى رأسها الصين، في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وبينما تواجه أستراليا تحديات بيئية وسياسية داخلية، تراهن حكومتها على أن استثمارها في بناء أسطول من الغواصات النووية – بدعم تقني ومالي من حلفائها – سيُعزز مكانتها الدولية، ويوفّر شبكة ردع طويلة الأمد تواكب المتغيرات الأمنية المتسارعة.