استقبل الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني، عميد جامع الجزائر، مساء أمس الأحد، فضيلة مفتي الجمهورية التونسية الأستاذ هشام بن محمود، الذي يقوم بزيارة إلى الجزائر للمشاركة في المؤتمر العلمي حول الإمام الونشريسي بمدينة تيسمسيلت.
وقد شكل هذا اللقاء الأخوي مناسبة لاستحضار القواسم المشتركة التي تجمع المؤسستين الدينيتين في البلدين الشقيقين، ولبحث سبل تعزيز التعاون العلمي بين الجزائر وتونس، خاصة في مجال الفقه المالكي والتعليم الديني الجامعي.
وفي كلمته الترحيبية، استعرض الشيخ القاسمي دور جامع الجزائر باعتباره منارة علمية وروحية رائدة، تضم هيئات علمية متكاملة من بينها كرسي الفقه المالكي "الونشريسي"، الذي يحمل اسم أحد أبرز علماء المغرب الإسلامي، وأحد رموز المرجعية الدينية الجزائرية. كما أشار إلى رمزية الأرض التي بُني عليها الجامع، والتي تحولت من مركز للتنصير الاستعماري إلى صرح للهوية الإسلامية والوطنية بعد الاستقلال.
وعلى نحو شخصي مؤثر، ذكر الشيخ القاسمي بعلاقته القديمة بالضيف الكريم، والتي تعود إلى ملتقى الفكر الإسلامي السادس سنة 1972، مشيدا بسلالة العلم التي ينتمي إليها مفتي تونس، باعتباره نجل العلامة الشيخ المختار بن محمود.
من جانبه، عبر مفتي الجمهورية التونسية عن سعادته الغامرة بزيارة جامع الجزائر، معتبرا إياه "مفخرة للأمة الإسلامية"، كما قدم وثيقة تاريخية نادرة تتعلق بجمعية الطلبة الجزائريين الزيتونيين، تؤرخ لعمق العلاقة بين علماء البلدين، وللروابط المتينة التي نسجها والده الراحل مع الحركة الطلابية الجزائرية في تونس.
وقد شملت الزيارة جولة عبر مرافق الجامع، منها دار القرآن والمركز الثقافي والمدرسة الوطنية العليا للعلوم الإسلامية، حيث اطلع الضيف على نماذج من المناهج البيداغوجية وأساليب التكوين المعتمدة، في تجربة تجمع بين الأصالة والحداثة.
هذا اللقاء العلمي والروحي يعكس بجلاء تواصل الأجيال، واستمرارية الحوار بين علماء الأمة، في سبيل الحفاظ على المرجعية الجامعة، وخدمة قضايا الدين والوطن.