تسعى الجزائر إلى بناء اقتصاد وطني قائم على المعرفة والابتكار، وتثمين نتائج البحث العلمي وربطها فعليا بالقطاع الاقتصادي والإنتاجي، شهدت ولاية بسكرة حدثًا بارزًا يندرج في هذا الإطار، تمثل في تدشين أول وحدة لإنتاج العلف الحيواني تابعة لمركز البحث العلمي والتقني لتطوير المناطق القاحلة.وقد أشرف على التدشين وزير التعليم العالي والبحث العلمي، كمال بداري، صباح اليوم الثلاثاء، خلال زيارة عمل قادته إلى الولاية.
ويُعد هذا الإنجاز العلمي والتقني ثمرة لبراءة اختراع مسجلة باسم مركز البحث، والتي مكّنت من تحويل نتائج البحث العلمي إلى منتوج فعلي، مصنع ومسوّق بنسبة 100% محليا. وقد أكد الوزير، في منشور له على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، أن مركز البحث العلمي والتقني لتطوير المناطق القاحلة يُعتبر الأول وطنيا من حيث عدد براءات الاختراع، ما يعكس الديناميكية التي تعرفها مراكز البحث في الجزائر في السنوات الأخيرة، والتي بدأت تعطي ثمارها بشكل ملموس.
وتتمثل أهمية هذا المشروع، ليس فقط في الجوانب التقنية والإنتاجية، بل في رمزيته كخطوة متقدمة في مسار ربط الجامعة ومراكز البحث بمحيطها الاقتصادي والاجتماعي. فإنتاج وتسويق هذا النوع من العلف الحيواني محليا سيساهم في توفير منتوج غذائي عالي الجودة، غني بالقيمة الغذائية، وبتكلفة تنافسية، ما يعزز من قدرات الإنتاج الحيواني الوطنية، ويقلّص من الاعتماد على الاستيراد، وهو ما يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية التي رسمتها الحكومة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال.
ويُنتظر أن يكون لهذا المشروع تأثير إيجابي واسع على قطاع تربية المواشي، لا سيما في المناطق القاحلة وشبه القاحلة التي تشكل البيئة الطبيعية لعمل المركز. كما سيفتح آفاقا جديدة أمام الباحثين والمبتكرين الجزائريين لتجسيد مشاريع مشابهة، ويؤسس لثقافة جديدة قائمة على تثمين المعرفة وربطها بالواقع التنموي للبلاد.
إن تدشين وحدة إنتاج العلف الحيواني في بسكرة ليس فقط إنجازا تقنيا، بل هو رسالة قوية مفادها أن الجزائر باتت قادرة، بإرادة سياسية واضحة وكفاءات علمية وطنية، على تحويل التحديات إلى فرص، والمعرفة إلى قيمة اقتصادية مضافة، في سبيل تحقيق السيادة الغذائية والتنمية المستدامة.