صدور أول كتاب جزائري للطبخ باللغة اليابانية

صدور أول كتاب جزائري للطبخ باللغة اليابانية

شهدت الساحة الثقافية الجزائرية حدثا استثنائيا تمثل في صدور أول كتاب جزائري للطبخ مكتوب باللغة اليابانية، في خطوة تُعدّ غير مسبوقة على مستوى المبادرات الفردية والجماعية الرامية إلى التعريف بالموروث الثقافي الوطني على الساحة الدولية.

يقف خلف هذا العمل الثقافي والطهوي السيدة عطرة بوعظمة أوتا، التي مزجت بين شغفها بالطبخ وارتباطها العميق بجذورها الجزائرية، فاختارت أن تخاطب القارئ الياباني بلغته الأم، حاملة إليه تجربة تذوق ومعرفة تسافر من أعماق المغرب العربي إلى أقصى شرق آسيا.

الكتاب لا يقتصر على تقديم وصفات تقليدية فحسب، بل يحمل بعدًا ثقافيًا واضحًا، حيث حرصت المؤلفة على contextualiser (وضع) كل طبق ضمن سياقه الاجتماعي والتاريخي. هكذا يصبح الطبخ لغة حوار بين الحضارات، ووسيلة لفهم الإنسان من خلال ما يأكله، وكيف يُحضّر طعامه.

بين دفّتي الكتاب، يجد القارئ الياباني نفسه أمام رحلة تذوق غنية، تبدأ بـالكسكس الملكي، وتمرّ عبر أطباق مثل الشخشوخة القسنطينية، والطاجين بأنواعه، والحريرة، وصولاً إلى الحلويات التقليدية كـالمقروط والغريبة، التي تترافق مع لمسات تعريفية بالمناسبات التي تُحضّر فيها هذه الأطباق، والعادات المرتبطة بها، وأجواء العائلة التي تحيط بها.

وقد راعت المؤلفة بساطة الشرح ودقة الترجمة، لتقريب المكونات والتقنيات من ثقافة القارئ الياباني، دون أن تفقد الأطباق الجزائرية هويتها الأصيلة.

ولم يمرّ هذا الإنجاز دون صدى في الأوساط الرسمية، حيث عبّر السفير الياباني بالجزائر، سوزوكي أكيرا، عن تهنئته الخالصة للسيدة بوعظمة أوتا، منوّهًا بقيمة هذه المبادرة التي "تجسّد بصدق الإمكانات الكبيرة للتبادل الثقافي بين اليابان والجزائر".

وأكد السفير أن هذا العمل يُعدّ "خطوة نوعية نحو تعزيز جسور التفاهم والتقارب بين الشعبين"، متمنيًا أن يساهم الكتاب في تحفيز فضول القارئ الياباني لاكتشاف المطبخ الجزائري، ومن خلاله الثقافة الجزائرية ككل.

يمثل هذا الكتاب أكثر من مجرد مجموعة وصفات؛ إنه دعوة مفتوحة لحوار ثقافي هادئ وعميق، حيث يتحول المطبخ إلى مساحة تلاقي، بعيدًا عن الرسميات، حيث ينشأ التفاهم من الملاعق والأطباق، وليس من الكلمات فقط.

وبين اليابانية والعربية، شرقي آسيا وغرب المتوسط، نجحت السيدة بوعظمة أوتا في أن تجد نقطة التقاء تُجسّدها نكهات عابرة للغات، تروي قصص الجدات والبيوت الدافئة، وتفتح شهية اليابانيين على عالم من المذاقات والتقاليد التي تختزل روح الجزائر.