شدد وزير الشؤون الدينية والأوقاف، يوسف بلمهدي، اليوم الثلاثاء، على الدور المحوري الذي تلعبه الفتوى في ترسيخ المرجعية الدينية الوطنية وحماية الهوية الجزائرية من الأخطار الفكرية الوافدة، معتبراً إياها "صمام أمان" في وجه محاولات التشويش وزعزعة استقرار المجتمع.
وأكد بلمهدي، أن الفتوى تعد ركيزة أساسية في حماية المرجعية الدينية الوطنية وصون الهوية الثقافية للمجتمع الجزائري، مشددا على ضرورة تعزيز هذا الدور في وجه التحديات الفكرية والدينية التي تهدد أمن واستقرار الدول.
وجاءت تصريحات الوزير خلال إشرافه على افتتاح أشغال الملتقى الوطني حول "تعزيز المرجعية الدينية الوطنية من خلال الفتوى وترقية التكوين"، المنعقد بالعاصمة الجزائر، حيث التقى نخبة من العلماء والأئمة والمختصين في الشأن الديني لمناقشة السبل الكفيلة بتقوية البنية الدينية للمجتمع الجزائري، بما يحصنه من الأفكار الدخيلة والتيارات الهدامة.
وفي كلمته الافتتاحية، أبرز بلمهدي الدور المحوري الذي تؤديه الفتوى في توجيه المجتمع والحفاظ على تماسكه، معتبرا إياها "مرجعية يحتكم إليها في أوقات الأزمات والاختلافات"، كما أشار إلى أن التوصيات المنتظرة من هذا الملتقى ستشكل قاعدة صلبة للعمل المستقبلي في مجال ضبط الفتوى وتعزيز مصداقيتها.
وحذر الوزير من خطورة الفتاوى "الشاذة والضالة" التي قال إنها غالبًا ما تكون مدفوعة بأجندات خارجية هدفها ضرب استقرار المجتمعات الآمنة، خاصة تلك التي تسير بثبات نحو النمو والازدهار.
وأضاف أن الفتوى إذا لم تضبط بإطارها العلمي والمؤسساتي الصحيح، يمكن أن تتحول إلى أداة هدم بدلا من أن تكون وسيلة بناء وإصلاح.
وفي هذا السياق، استعرض بلمهدي الجهود المبذولة من طرف الوزارة لحماية المرجعية الدينية، منوها بالدور الكبير الذي يضطلع به المشايخ والأئمة عبر المنابر الإعلامية والوسائط الرقمية، بالإضافة إلى تفعيل آليات الاستشارة الدينية من خلال المنصة الرقمية للفتوى والخط الأخضر الذي خصصته الوزارة لتلقي استفسارات المواطنين.
وأكد أن هذه المبادرات تندرج في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى "رص الصفوف وتعزيز وعي الأمة بأهمية التكاتف لحماية البلاد من الأفكار المتطرفة، والعمل على توريث الأجيال القادمة منظومة دينية متجذرة في قيم التسامح والاعتدال، يشرف عليها علماء الجزائر المعروفون بعلمهم ووسطيتهم".
ويشهد الملتقى الوطني سلسلة من المداخلات العلمية والورشات التطبيقية، تتمحور حول آليات تطوير التكوين الديني، وتحديث أساليب الإفتاء، بالإضافة إلى مناقشة طرق التصدي للشائعات والفتاوى المضللة التي تروج عبر المنصات الرقمية.
وينتظر أن يصدر عن الملتقى جملة من التوصيات العملية التي ستعرض على الجهات المختصة لاعتمادها كمرجع في سياسات الوزارة المستقبلية، بما يعزز من حضور المرجعية الدينية الجزائرية كعنصر فاعل في تحقيق السلم المجتمعي وبناء وعي ديني راسخ.