بينما تتسابق كبرى دول العالم على استقطاب المهاجرين عبر سياسات منفتحة تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز التنوع الديموغرافي، تظل الجزائر محافظة على توجهها الحذر في هذا الملف، متجنبة الانخراط في ديناميكيات الاستقبال، رغم التغيرات المتسارعة التي يعرفها المشهد الدولي.
في كندا وأستراليا، بات المهاجرون يشكلون ربع السكان، بفضل سياسات احتضان مدروسة ترتكز على استقطاب الطاقات الواعدة ودعم التجنيس والاندماج.
أما الولايات المتحدة، فلاتزال تتصدر المشهد العالمي بأكثر من 50 مليون مهاجر، يمثلون نحو 15% من سكانها، في نموذج تاريخي للهجرة ساهم في صنع قوتها الاقتصادية.
وعلى الساحة الأوروبية، تعد فرنسا وبريطانيا محطتين رئيسيتين لموجات الهجرة، حيث يشكل المهاجرون في فرنسا أكثر من 10% من السكان.
ورغم التحديات المرتبطة بالهوية والتعايش، فإن هذا التنوع الديموغرافي يعد عنصرا أساسيا في دينامية المجتمع الفرنسي الحديث.
أما دول الخليج، وعلى رأسها الإمارات وقطر والكويت، فتحولت إلى اقتصادات قائمة على العمالة الأجنبية، حيث يشكل الوافدون أكثر من 80% من السكان في بعض البلدان، في نموذج فريد يوازن بين الحاجة الاقتصادية ومحدودية التجنيس.
في المقابل، تواصل الجزائر اتباع نهج متروٍ ومتوازن، حيث لا تتجاوز نسبة الأجانب المقيمين 1% من مجموع السكان. ويعود ذلك إلى منظور وطني يولي الأولوية للأمن القومي والحفاظ على التوازنات الاجتماعية، مع إدراك لأهمية هذا الملف وتحدياته ضمن السياقين الإقليمي والدولي.
وبالرغم من توفرها على موقع استراتيجي يربط إفريقيا بأوروبا، وثروات طبيعية وبشرية تجعل منها أرضا واعدة، فإن الهجرة في الجزائر ما تزال تعالج بمنطق إداري وأمني أكثر منه كرافد تنموي.
وبين هذا و ذاك،تلعب الجالية الجزائرية بالخارج دورا محوريا في ربط البلاد بالعالم، خاصة في فرنسا وكندا، حيث تمثل جسرا بشريا واقتصاديا وثقافيا يغني الداخل الجزائري من خلال التحويلات المالية، ونقل الخبرات، وتعزيز الروابط الدولية.