عاد الاحتقان والتوتر إلى الواجهة في عدة قطاعات اجتماعية بالمغرب وتزايد معه الغضب في الأوساط العمالية، الأمر الذي دفع بنقابات إلى الدعوة للتعبئة العامة تحسبا لأي تصعيد مرتقب خلال الأيام المقبلة، احتجاجا على السياسة الاقصائية والتعسفية التي ينتهجها المسؤولون في الجهات الوصية.
ووجه التنسيق النقابي لقطاع الصحة في المغرب رسالة احتجاج إلى وزير القطاع في حكومة المخزن، جراء "إدماج أجور مهنيي الصحة الموظفين بالمجموعات الصحية الترابية، ضمن فصل المعدات والنفقات المختلفة بالميزانية"، محذرا من أن تكون هذه الخطوة "دافعا لعودة الاحتقان إلى القطاع".
ويتصاعد غضب واسع لنقابات قطاع الصحة جراء "ربط أجور الموظفين بتلك المرتبطة بالمعدات والنفقات المختلفة" خلال مناقشة مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بمجلس النواب المغربي، حيث عاد "نقاش مركزية الأجور" ليطفو إلى السطح مجددا عقب اتفاق سابق بين النقابات والوزارة الوصية على الحفاظ على هذا الشق.
ورأى التنسيق النقابي في مشروع ميزانية 2026 "تراجعا خطيرا" عن الاتفاق، لافتا النظر إلى أن "هذا التناقض تراجع خطير عن مقتضيات اتفاق يوليو 2024، الذي يلزم الحكومة بأداء أجور مهنيي القطاع من ميزانية الدولة العامة".
وفي نفس السياق، استغربت الجامعة الوطنية للصحة التابعة للاتحاد المغربي للشغل، في بيان لها، ما جاء في تقديم مشروع الموازنة الفرعية لقطاع الصحة من قبل وزير الصحة في حكومة المخزن بمجلس النواب، معتبرة أن ما ورد "تهديد لمهنيي القطاع في استقرارهم الوظيفي والاجتماعي".
ودعت عموم مناضلاتها ومناضليها إلى التعبئة ورص الصفوف استعدادا لما قد تقتضيه المرحلة المقبلة من خطوات نضالية دفاعا عن مركزية الأجور وصفة الموظف العمومي داخل المجموعات الصحية الترابية.
وفي سلك التعليم العمومي، تعيش جهة بني ملال خنيفرة، وسط المغرب، على إيقاع توتر جديد في أعقاب انطلاق موجة استياء عارمة في صفوف الأطر المختصة المنتمية لمنظومة التربية والتعليم، على خلفية ما تعتبره النقابات "تمييزا صارخا وتهميشا ممنهجا" يطال هذه الفئة رغم دورها المحوري في ضمان التوازن النفسي والاجتماعي داخل المؤسسات التعليمية.
وأفادت مصادر تربوية أن الأخصائيين النفسانيين والاجتماعيين والموجهين التربويين يعيشون منذ أشهر حالة من الإحباط والاحتقان المهني "نتيجة غياب أي بوادر رسمية لإدماجهم في مشاريع الإصلاح أو معالجة اختلالات التوظيف والتعويض، في وقت تتفاقم فيه الحاجة إلى خدماتهم الميدانية داخل المدارس".
وبلغ الاحتقان ذروته، الأسبوع الجاري، بعدم إدراج وزارة التربية الوطنية مسابقة توظيف الأطر المختصة ضمن الموسم الحالي، الأمر الذي اعتبره المتضررون "إقصاء غير مبرر وحرمانا لمئات الشباب المؤهلين من ولوج المهنة" رغم النقص الفاضح داخل المؤسسات التعليمية التي تفتقر إلى الدعم النفسي والاجتماعي والتربوي.
وفي هذا الشأن، ندد المكتب الجهوي للأطر المختصة المنضوي تحت لواء الجامعة الوطنية للتعليم التابعة للاتحاد المغربي للشغل، في بيان بما وصفه ب"سياسة الكيل بمكيالين" في صرف التعويضات، مطالبا بتمكين الأطر المختصة من حقها في التعويض عن المشاركة في الامتحانات وعن المهام الإدارية والتربوية لاسيما بالنسبة للمكلفين بالحراسة العامة الذين تم استثناؤهم رغم قيامهم بجميع المهام الموكلة إليهم.
من جهة أخرى، عاد التوتر ليخيم من جديد على قطاع الحراسة الخاصة بإقليم بولمان، جنوب شرق مدينة فاس، بعد انفجار قضية توقيف الأجور الشهرية لعدد من أعوان الحراسة العاملين بالمؤسسات التعليمية، عقب مشاركتهم في الوقفة الوطنية التي نظمتها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أمام البرلمان في 20 أكتوبر الماضي، احتجاجا على ما تعتبره "أوضاعا متدهورة يرزح تحتها العاملون بالقطاع".
وأدانت النقابة الوطنية لأعوان الحراسة الخاصة والنظافة والطبخ التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في بيان لها، ما اعتبرته "سلوكا انتقاميا" في حق المنتمين إليها ببولمان، مشددة على أن تعليق الأجور "يشكل خرقا صارخا للحق النقابي وللمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب".
وطالبت النقابة، الجهات الوصية، وعلى رأسها المديرية الإقليمية للتعليم، ب"التدخل العاجل" لوضع حد لما وصفته ب"التعسف في استعمال السلطة الاقتصادية ضد العمال", مطالبة بصرف أجور المتضررين "دون قيد أو شرط".







