سياحة و أسفار

وكالات سياحية تهرب الأموال إلى الخارج

في الوقت الذي تكثف الحكومة من حملاتها التحسيسية ضد تداعيات الأزمة المالية، التي دفعت بها إلى سن قوانين تقشفية، وترشيد النفقات، وتدعو المواطنين للانخراط في هذه السياسة الجديدة لمواجهة انهيار صادرات البترول وشح الإيرادات المتأتية منه، “يواصل بنك الجزائر ووزارة المالية غض الطرف عن قيام وكالات سياحية بتهريب الأموال إلى الخارج”.

تحول هذه الوكالات الأموال بطريقة يعلمها بنك الجزائر ومصالح الجمارك بالمطارات والمراكز الحدودية البرية، لكن من دون معالجة هذه الوضعية المستمرة منذ سنوات طويلة. وتشير مصادر على علم بخبايا هذا الملف إلى أن “إدارة بنك الجزائر على اطلاع بهذه الوضعية، وأيضا وزارة المالية، لكنهما لم يتحركا طيلة السنوات الماضية، بالمقابل، ازدهر نشاط الوكالات وتضاعف عددها بشكل لافت للنظر”.

وتؤكد ذات المصادر أن “السلطات العمومية مدركة بأن هذا النشاط وبشكله الحالي، أي غير المنظم، يحرم الخزينة العمومية، وعلى مدار عقود من الزمن، من عائدات جبائية معتبرة”. وفي اتصال معها، اعترفت النقابة الوطنية للوكالات السياحية بهذه الوضعية غير القانونية للنشاط. وقال نائب رئيس النقابة، إلياس سنوسي، إن هذه الأخيرة تطالب منذ 2008 بنك الجزائر ووزارة المالية بإدخال تعديلات على قانون النقد والقرض، لكن دون جدوى. وأضاف ذات المسؤول النقابي أن الأغلبية الساحقة من الوكالات السياحية، وعددها 1800 وكالة، “لا تنشط في مجال تسفير أو استقبال السياح، ويقتصر عملها في بيع تذاكر شركات الطيران فقط”، والسبب، حسبه، هو “المنع القانوني لتحويل الأموال إلى الخارج”. ويذكر سنوسي أن المرة الوحيدة التي فتح فيها هذا الملف “كان في عهد وزير السياحة السابق اسماعيل ميمون، الذي كانت لديه الشجاعة ليعد تقريرا حول هذه القضية ويرفعه للجهات المعنية، وبالفعل تم تشكيل لجنة ضمت ممثلي الوكالات السياحية وبنك الجزائر ووزارة المالية (مصالح الضرائب)”، مضيفا أن “الهدف من تلك الاجتماعات كان إعادة النظر في قانون النقد والقرض، لكن ممثل بنك الجزائر أجاب بالرفض وبأنه لا يمول الاستجمام للمواطنين والأولوية للاحتياجات الأساسية”.

ويكفي لمزاولة مهنة الوكيل السياحي الحصول على رخصة من وزارة السياحة، ويكفي لتدشين النشاط بشكل مباشر التعاقد مع عملاء أجانب من أجل استقبال السياح الجزائريين، على شاكلة ما يحصل خلال مواسم العمرة، والسفريات السياحية خلال فترة العطل وخارجها. وما يثير الاستغراب في هذه العملية، أن أكثرية السياح الجزائريين يجهلون أن المبالغ المالية التي يدفعونها إلى الوكيل السياحي تغادر التراب الوطني باتجاه الوكيل الأجنبي، بطريقة ليست قانونية، أو بالأحرى بطريقة لم يعالجها قانون النقد والقرض، فيقوم الوكيل الجزائري بنقل الأموال إلى الخارج من خلال تقسيمها على السياح بقيمة لا تتجاوز الحد الأقصى المسموح به وهو 7 آلاف أورو، ليسترجعها منهم على متن الطائرة أو بعد دخول أراضي البلد المقصود.

وهناك طريقة ثانية يلجأ إليه العديد من الوكلاء لتفادي نقل مبالغ مالية نقدا، وهو صب الأموال في حساب بنكي بالعملة الصعبة، والقيام بعمليات دفع حجوزات السياح في الفنادق بواسطة بطاقة الاعتماد. وتغض السلطات العمومية، وفي مقدمتها مصالح الجمارك، الطرف عن هذه الممارسات المخالفة للقانون خلال فترة العمرة، التي يؤدي مناسكها ما لا يقل عن 250 ألف جزائري سنويا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى