فرنسا تهتز سياسيا: البرلمان يطيح بحكومة بارنييه… ماذا بعد؟
في خطوة لم تشهدها فرنسا منذ أكثر من ستة عقود، صوّت البرلمان الفرنسي يوم الأربعاء على حجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء ميشال بارنييه، مما يعمّق الأزمة السياسية في البلاد ويفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل النظام السياسي في ظل الانقسامات العميقة.
حصلت مذكرة حجب الثقة، التي اقترحها اليسار المتشدد بدعم من اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبن، على 331 صوتًا، متجاوزة بكثير العتبة المطلوبة، ما أدى إلى إسقاط الحكومة بعد ثلاثة أشهر فقط من توليها السلطة.
هذه التطورات جاءت على خلفية انتقادات حادة للميزانية التي قدمتها حكومة بارنييه، والتي تهدف إلى كبح العجز المالي الضخم المتوقع أن يتجاوز 6% من الناتج القومي.
كما تضمنت الخطة تقشفًا صارمًا يشمل توفير 60 مليار يورو من خلال زيادة الضرائب وخفض الإنفاق، وهو ما أثار غضب اليسار الذي اعتبر الخطة عبئًا على الطبقات الضعيفة، واليمين المتطرف الذي عارض بشكل قاطع سياسات الضرائب.
بالاضافة الى ذلك، المعارضة لم تكتف بحجب الثقة، بل طالبت اليسار المتشدد الرئيس إيمانويل ماكرون بالاستقالة والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة.
ورغم أن مصير ماكرون ليس مرتبطًا دستوريًا بحجب الثقة، إلا أن هذه الدعوات تعكس تصاعد الضغوط السياسية عليه وسط حالة من الغضب الشعبي وعدم الرضا عن سياساته.
ما حدث يترك فرنسا في وضع سياسي حساس للغاية. حجب الثقة عن حكومة بارنييه، الذي يُعتبر أحد السياسيين المخضرمين، يضع البلاد أمام مرحلة من عدم الاستقرار، خاصة في ظل غياب البدائل الواضحة وتزايد الاستقطاب بين القوى السياسية المختلفة. يواجه الرئيس ماكرون الآن تحديات مضاعفة لإعادة الثقة في مؤسسات الدولة واستعادة السيطرة على الأوضاع.
وفي الاخير تبقى الأسئلة المطروحة الآن: من سيكون البديل المحتمل لبارنييه؟ وهل ستتمكن الأحزاب من تقديم حكومة توافقية قادرة على مواجهة الأزمات المالية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد؟ وكيف سيتعامل ماكرون مع هذه الضغوط المتزايدة لضمان استقرار البلاد؟ فرنسا اليوم أمام مفترق طرق حاسم قد يعيد تشكيل مشهدها السياسي في السنوات المقبلة.