العلاقات على محور واشنطن الرياض تدخل مرحلة الاحتقان
تعكس القرارات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية، في الأيام القليلة الماضية، درجة الاحتقان الذي تعيشه العلاقات على محور واشنطن الرياض، وقد برز ذلك عبر قرارين: الأول مباشر والثاني غير مباشر، والذي اعتبر العربية السعودية مناوئة لها وتعرض العلاقات الاستراتيجية الأمريكية السعودية إلى هزات عنيفة.
رغم الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الرياض أفريل الماضي، إلا أن الانطباع السائد أن العلاقات الأمريكية السعودية دخلت مرحلة توتر، لاسيما وأن تباينا في السياسات الطاقوية والحرب غير المعلنة في السوق النفطي في زمن الوزير علي النعيمي، عكست نوعا من التشنج بين الرياض وواشنطن، كتعبير عن عدم رضا الرياض وامتعاضها لما اعتبرته تقاربا غير مباشر بين الولايات المتحدة وإيران.
وشهدت العلاقات الثنائية تجاذبات عديدة لكنها بلغت الذروة الأيام القليلة الماضية، من خلال اعتبارين، اعتبرا ضربة موجعة وجهت للرياض من قبل حليفها الأمريكي، الأول الإعلان الأمريكي باستبعاد تصنيف أنصار الله أو الحوثيين في اليمن كتنظيم إرهابي، في سياق المساعي السعودية لإدراجهم على غرار حزب الله في خانة التنظيم الإرهابي، بل وعمدت واشنطن إلى اعتبارهم طرفا فاعلا في مسار السلام والمفاوضات التي تجري في الكويت، بينما سعت الرياض إلى عزل الحوثيين في حربها في اليمن وتدعيم حلفائها الممثلين في الرئيس عبد ربه منصور، أما الاعتبار الثاني فيتمثل في قرار الأمين العام الأممي، بان كيمون، إدراج التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، في قائمة البلدان المنتهكة لحقوق الأطفال، وتحميل الرياض مسؤولية حدوث انتهاكات بحقهم في حرب اليمن، واضطرت السعودية إلى توظيف سياسات “اللوبيينغ” لتفادي صدور قرار يدينها على مستوى الأمم المتحدة.
والى جانب المؤشرين، فإن نقاطا خلافية أخرى برزت على السطح، ففي وقت كان الرئيس الأمريكي يزور الرياض، شهد الكونغرس الأمريكي تحركات لسن قانون يحظر بيع الأسلحة إلى العربية السعودية، كما تم تحضير قرار يدين السعودية في أحداث 11 سبتمبر 2001 ويطالبها بالتعويض للضحايا، هذا التوجه دفع وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إلى التهديد بسحب السعودية لأصولها المالية واحتياطياتها المالية المودعة في الولايات المتحدة، والمقدرة بأكثر من 700 مليار دولار، وهو ما اعتبر قمة التوتر في علاقات استراتيجية جعلت من الرياض أحد الفاعلين الرئيسيين لثقل السعودية في المنطقة على مستوى السياسات الطاقوية، والتي تجلت في اتفاق الملك عبد العزيز والرئيس الأمريكي روزفلت. وواجهت السعودية انتقادات من سياسيين أمريكيين بما في ذلك المترشحون الرئيسيون في انتخابات 2017، دونالد ترامب وهيلاري كلينتون، كما تصاعدت الخلافات بين واشنطن والرياض بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران، لوجود قناعة لدى النخب السياسية السعودية بأن الاتفاق يأتي لتعزيز وضع إيران الإقليمي، مع بروز مخاوف من بروز سياسات أمريكية بمعية الرئيس أوباما للانسحاب من منطقة الشرق الأوسط والتركيز على منطقة المحيط الهادي.