فرنسا بين ازدواجية المواقف وانتهاك القانون الدولي في الصحراء الغربية
أعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، في خطوة مفاجئة ومثيرة للجدل،عبر رسالة وجهها إلى العاهل المغربي بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لاعتلائه العرش، عن اعتراف بلاده بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
وأكد أن مستقبل الإقليم يجب أن يُحدد في إطار السيادة المغربية، مشيرًا إلى خطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب عام 2007 باعتبارها “الحل الوحيد” لإنهاء النزاع.
هذا القرار يمثل تحولًا كبيرًا في السياسة الخارجية الفرنسية، ويثير تساؤلات حول التزام باريس بمبادئ القانون الدولي. فقد عُرفت فرنسا بمواقفها الرافضة للاعتراف بأي وضع نشأ عن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي،
كما جاء في مرافعتها أمام محكمة العدل الدولية عام 2023 بشأن السياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث شددت على عدم شرعية ضم الأراضي أو إقامة المستوطنات.
التناقض الواضح بين مواقف فرنسا في قضيتي الصحراء الغربية وفلسطين أثار اتهامات بازدواجية المعايير.
فبينما ترفض باريس الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، تقدم دعمًا صريحًا لموقف المغرب، متجاهلة قرارات الأمم المتحدة التي تصنف الصحراء الغربية كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي، وتؤكد على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
يرى مراقبون أن الموقف الفرنسي جاء نتيجة لضغوط لوبيات مؤيدة للمغرب، ما يعكس خرقًا للالتزامات الدولية، خاصة مبدأ عدم الاعتراف بالأوضاع الناتجة عن القوة أو انتهاك الحقوق.
هذا الاعتراف قد يضع فرنسا أمام مسؤولية قانونية عن دعمها احتلالًا مستمرًا وما يترتب عليه من انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب.
رغم الدعم الذي يسعى المغرب إلى كسبه، يظل الوضع القانوني للصحراء الغربية ثابتًا. الإقليم لا يزال تحت تصنيف الأمم المتحدة كأرض غير مستقلة، ومحكمة العدل الدولية أكدت مرارًا حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
القضية الصحراوية تبقى قضية ذات أبعاد حساسة على الساحة الدولية، حيث لا يمكن لأي اعتراف أحادي الجانب تغيير الوضع القانوني للإقليم، الذي يظل خاضعًا لشرعية دولية واضحة حتى تحقيق العدالة لشعبه.