الذكرى ال61 ل”اعلان تصفية الاستعمار” : الشعب الصحراوي ينتظر تطبيق قرار الأمم المتحدة ذات الصلة
يحتفل المجتمع الدولي يوم الثلاثاء بالذكرى ال61 لصدور اللائحة رقم 1514 التي صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14 ديسمبر 1960 والتي تنص على منح الاستقلال للدول والشعوب المستعمرة، وفقا للمبادئ المعلن عنها في ميثاق المنظمة الأممية، في الوقت الذي لا يزال فيه الشعب الصحراوي ينتظر تطبيق هذه اللائحة التي من شأنها أن تمكنه من تقرير مصيره و إنهاء الاستعمار من آخر مستعمرة في افريقيا.
وخلال دورتها ال15، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 1514 الذي أعلنت فيه رسميا ضرورة وضع حد “بسرعة و بدون قيد أو شرط للاستعمار بجميع صوره و مظاهره”، في إعلان لا يقل في أهميته عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بل يعتبر “مكملا له”، حسب الخبراء و الحقوقيين.
وصدر القرار في صورة “إعلان خاص بمنح الاستقلال للبلدان و الشعوب المستعمرة” و يسمى في الأوساط الاعلامية “إعلان تصفية الاستعمار” الذي أكد ضمن نصوصه أن “إخضاع الشعوب للحكم و السيطرة الأجنبية يعد إنكارا لحقوق الانسان الأساسية و خرقا لميثاق الأمم المتحدة، و يعوق تنمية العلاقات الودية بين الشعوب و بالتالي يشكل تهديدا للسلم و الأمن العالمي على المدى الطويل”.
و طالب الإعلان ب”التصفية الكاملة للاستعمار” معتبرا أن القضاء على هذا الاخير “حق من حقوق الشعوب”. كما طالب “بضرورة اتخاذ اجراءات فورية لنقل جميع السلطات في الأقاليم التي لم تحصل بعد على استقلالها إلى شعوب هذه الأقاليم دون تحفظات أو شروط و تمكينها من الحصول على استقلالها الكامل و التمتع بحقها في تقرير المصير”.
كما نص الإعلان على ضرورة “وضع حد لجميع أنواع الأعمال المسلحة والتدابير القمعية الموجهة ضد الشعوب غير المستقلة، لتمكينها من الممارسة الحرة السلمية لحقها في الاستقلال التام و احترام سلامة إقليمها القومي”.
و شكل صدور هذا الاعلان الذي طالب في ذلك الوقت المبكر بتصفية الاستعمار تصفية تامة، “نقطة تحول كبرى” ليس فقط في موقف الامم المتحدة و انما أيضا في موقف المجتمع الدولي كله من المسألة الاستعمارية.
الا أنه و بعد مرور 61 عاما على صدور الاعلان، لا تزال دول وشعوب ترزح تحت نير الاحتلال، و من بينها الشعب الصحراوي الذي اضطر الى العودة الى الكفاح المسلح منذ أزيد من عام في غياب أفق الحل السلمي للنزاع بين المغرب و جبهة البوليساريو و بعد خرق المغرب – القوة القائمة بالاحتلال – في 13 نوفمبر 2020 لاتفاق وقف اطلاق النار الموقع بين الطرفين في عام 1991 تحت إشراف الامم المتحدة.
الامم المتحدة مطالبة بتنفيذ قراراتها المتعلقة بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية
و تحل الذكرى ال61 لصدور “إعلان تصفية الاستعمار” هذه السنة، في ظل استمرار المغرب في احتلاله لأجزاء من الصحراء الغربية، في انتهاك صارخ لقرارات الأمم المتحدة ولحكم محكمة العدل الدولية الصادر في 16 أكتوبر 1975، والذي أقر “بعدم وجود أي رابطة للسيادة الإقليمية بين الصحراء الغربية والمغرب”، و أكد على “وجوب تطبيق قرار الجمعية العامة رقم 1514، المتعلق بإنهاء الاستعمار من الإقليم من خلال التعبير الحر والحقيقي عن إرادة الشعب الصحراوي”.
و أمام استمرار الاحتلال المغربي و انتهاكاته الجسيمة لحقوق الانسان الصحراوي وفي غياب الضغط على القوة القائمة بالاحتلال و سياسة اللاعقاب، ما انفكت جبهة البوليساريو تذكر الأمم المتحدة بمسؤولياتها ازاء مسألة تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية و دعتها في عدة مناسبات الى لعب دورها و “تهيئة الظروف اللازمة” لتمكين الصحراويين من ممارسة حقهم غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.
وفي هذا السياق، نبهت تمثيلية جبهة البوليساريو لدى الامم المتحدة في بيان بمناسبة الذكرى السابقة لصدور اللائحة رقم 1514، الى أنه بالرغم من تبني العديد من قرارات الأمم المتحدة التي تدعو إلى تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير والاستقلال، “الا ان عملية إنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية لا تزال لم تتم بعد بسبب عرقلة و رفض المغرب لجميع الجهود الدولية الهادفة الى التوصل لتسوية سلمية ودائمة للنزاع”.
و اعتبرت جبهة البوليساريو أن “التقاعس الذي أبدته الأمم المتحدة على مدى العقود الماضية شجع المغرب على مواصلة احتلاله غير الشرعي لأجزاء من الصحراء الغربية”، والذي بلغ ذروته من خلال عدوانه العسكري على المدنيين الصحراويين العزل في 13 نوفمبر 2020 في الكركرات التي تعتبرها الامم المتحدة منطقة عازلة، مما أدى إلى نسف وقف إطلاق النار القائم منذ عام 1991 و استئناف المواجهات العسكرية.
و أكدت البوليساريو أن “الشعب الصحراوي ما زال يتطلع إلى الأمم المتحدة لتنفيذ قراراتها المتعلقة بإنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية”.
وكانت الجزائر، التي جعل منها تاريخها الكفاحي المجيد في سبيل انتزاع الاستقلال فاعلا أساسيا في حركة تحرير الشعوب، أعربت بمناسبة الذكرى ال60 “لإعلان منح الاستقلال للبلدان و الشعوب المستعمرة” عن تضامنها مع جميع شعوب الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي التي تصبو إلى ممارسة حق تقرير المصير في كنف الشرعية والحرية والنزاهة المكفولة دوليا، و أكدت في الوقت ذاته “رفضها القاطع للفكر الاستعماري وقناعتها الراسخة بأن استكمال تصفية الاستعمار أمر حتمي في جميع أرجاء العالم”.
يذكر أن الصحراء الغربية مسجلة لدى الامم المتحدة اقليما غير مستقل منذ عام 1963، و استفادت سنة 1991 من مخطط تسوية ينص على السماح للشعب الصحراوي بممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال طبقا للائحة 1514.