الجزائر تدافع بقوة عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية
في خطوة دبلوماسية جريئة ومزلزلة، وجّهت الجزائر رسالة لا تقبل التأويل إلى مجلس الأمن الدولي، تدين فيها انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها المخزن المغربي في حق الشعب الصحراوي، وتطالب فيها المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته كاملة تجاه هذا الشعب الذي يعاني منذ عقود من التهميش والقمع المنهجي.
وخلال جلسة مجلس الأمن، التي كان يُفترض أن تقتصر على تجديد ولاية بعثة “المينورسو”، قلبت الجزائر الطاولة، مسلطة الضوء على نفاق بعض الدول الأعضاء التي تتغنى بدعم الحرية وحقوق الإنسان لكنها تغض الطرف عن معاناة الصحراويين، مما يكشف بوضوح ازدواجية المعايير التي تكتنف مواقفها في مواجهة هذه الانتهاكات الفاضحة.
الجزائر تواجه انحياز القرار الأمريكي وترفض التواطؤ
بدأت الجلسة حينما قدمت الولايات المتحدة -بصفتها حاملة القلم- في 22 أكتوبر مشروع قرار يهدف إلى تجديد ولاية “المينورسو”، متضمناً إضافات تسعى لإظهار تقدمٍ غير واقعي في ملف الصحراء الغربية، على الرغم من الأوضاع المتدهورة التي يعكسها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة.
قوبل هذا المشروع بانزعاج شديد من الجزائر، التي رفضت الإضافات الأميركية ووصفتها بالمتواطئة مع المخزن، حيث سعت الجزائر، مستندة إلى حجج قانونية وتاريخية، لإثبات عدم جدية هذه المحاولات وعدم تماشيها مع الواقع.
وفي خطوة جريئة، طلب الوفد الجزائري جلسة مشاورات مغلقة على مستوى المندوبين الدائمين، مما أرغم الجانب الأمريكي على إعادة النظر في مساره التفاوضي وتأجيل التصويت، ليجد نفسه أمام عقبة الموقف الجزائري الراسخ.
مرافعة جزائرية لصالح القانون الدولي ودعوة لحماية حقوق الإنسان
تمسكت الجزائر بمبادئها، إذ شرعت في سلسلة من المفاوضات الماراثونية، داعيةً المجتمع الدولي إلى احترام الشرعية الدولية ودعم حقوق الشعب الصحراوي.
وعملت الجزائر على إدراج بند جديد ضمن مشروع القرار، يمنح المفوضية السامية لحقوق الإنسان صلاحية مراقبة وتوثيق الانتهاكات المرتكبة من قِبَل المخزن.
وبهذا، وضعت الجزائر مجلس الأمن أمام مفارقة صارخة، فبعثة “المينورسو” هي الوحيدة بين بعثات السلام الأفريقية التي لم تُمنح هذه الصلاحية، ما جعل من هذا التحرك الجزائري خطوة محورية تكشف نفاق بعض الدول في الدفاع عن حقوق الإنسان.
سياسة الكيل بمكيالين.. موقف جزائري صامد يكشف التواطؤ الدولي
مع اقتراب التصويت، قدمت الجزائر تعديلين على مشروع القرار الأمريكي، الأول يعرب عن القلق من عجز المفوض السامي للأمم المتحدة عن زيارة الصحراء الغربية للسنة التاسعة على التوالي، والثاني يدعو إلى النظر في توسيع صلاحيات “المينورسو” لرصد الانتهاكات الإنسانية.
كما واجه هذا التحرك صدمة لحاملي القلم وحلفائهم، الذين وجدوا أنفسهم أمام خيار محرج: إما دعم التعديلات الجزائرية، وهو ما سيكشف عن تناقضاتهم، أو رفضها مما يعري ازدواجية معاييرهم.
ورغم إدراك الجزائر أن تعديلاتها قد لا تنال العدد الكافي من الأصوات، إلا أنها أصرت على الاستمرار في موقفها المبدئي، واضعة مجلس الأمن أمام مسؤولياته الأخلاقية والسياسية، وكاشفةً عن التناقضات التي تسيطر على بعض الأطراف التي تتغنى بنصرة حقوق الإنسان بينما تتجاهل مأساة الشعب الصحراوي.
الجزائر تفضح مصالح المخزن وعلاقاته المشبوهة
بثباتها على مبادئها، تمكنت الجزائر من تعرية العلاقات المشبوهة التي يعقدها المخزن مع بعض القوى الكبرى، وتفضيل تلك الدول المصالح الضيقة على مبادئ العدالة وحقوق الإنسان.
فقد نجح هذا التحرك الجزائري في تسليط الضوء على تواطؤ المخزن مع بعض العرابين الدوليين في محاولة لفرض مشروعه الاستعماري، حتى وإن دفعه ذلك للتطبيع مع الكيان الصهيوني وتجاهل مصالح الشعب المغربي الشقيق.
رسالة الجزائر كانت واضحة: لن يتم التغاضي عن صوتها في مجلس الأمن، ولا عن مطالبها التي لا تعكس فقط مصالحها الوطنية، بل تعبّر عن آمال الشعوب المضطهدة وتطلعاتها نحو الحرية والكرامة.