الوطني

كرونولوجيا القضية..معارك “الكرامة” ضد اغتيال “الخبر”

منذ تاريخ 10 أكتوبر 2014، أسندت لوزير الاتصال حميد ڤرين مهمة قيادة “حملة مُمنهجة” ضد جريدة “الخبر”، بدأت بالضغط على مجموعة من المعلنين الخواص الكبار في الجزائر، بقطع إشهارها عن “الخبر”. وتواصل مسلسل “الاغتيال” بتحرشات لفظية وضغوطات نفسية على صحفيي وعمال المجمّع، ولمّا اشتدت قبضة “الظلم” على “الخبر”، تقرر البحث عن سند مادي يدعم مسيرة الجريدة، فوجده في المجمع الصناعي “سيفيتال”، فظهر ڤرين من جديد، يشهر سيف التعسف لوقف عملية تجارية محضة تنفيذا لـ “أجندة خفية”.

آلة التعسّف تحركت لتكميم الصحافة الحرة في الجزائر، من الشهر نفسه (أكتوبر 2014) الذي اختاره الرئيس بوتفليقة ليكون يوما وطنيا للصحافة (22 أكتوبر)، فوقعت السلطة في مفارقة على طرفي تناقض بين ترقية حرية التعبير أو قمعها !!

 آلة التعسّف بالسرعة القصوى

نشرت “الخبر” أولى تفاصيل معارك “الكرامة” بتاريخ 12 أكتوبر 2014، حيث التقى وزير الاتصال حميد ڤرين مجموعة من المعلنين الكبار، دعاهم إلى مكتبه بمقر دائرته الوزارية لارتشاف أكواب من القهوة والشاي، لكن اللقاءات لم تكن لبحث مستقبل الواقع الفوضوي لمجال الاتصال في الجزائر، وإنّما للضغط على هؤلاء المُعلنين بهدف سحب إشهارهم من جريدة “الخبر”.

وفي حديث ڤرين مع هؤلاء المعلنين، كان وزير الاتصال الذي في صلب مهامه “ترقية وحماية حرية التعبير”، يمارس عليهم الابتزاز لسحب إشهارهم مقابل حصولهم على تسهيلات وامتيازات من وزارة المالية، وهو العرض الذي يحمل تهديدا غير مباشر، باطنه يقول: “إذا لم تطبقوا طلبنا، فسيكون مصيركم التصحيح الضريبي”.

وزادت آلة التعسف من سرعتها، فلم يكن ڤرين يتحرج كلّما سنحت له مناسبة لفتح قضية “الخبر” مع أي معلن من المعلنين الكبار الذين يروجون لمنتجاتهم على صفحاتها، ففي إحدى الحفلات التقى الوزير معلنا كبيرا، وسأله: “لماذا تعطون لبعض الجرائد إشهاركم، وأنتم تعلمون أنهم يعارضون النظام والرئيس”، فرد عليه المسؤول: “ماذا تقصد ببعض الجرائد؟”، فكان رد الوزير أن التف حول الجواب، وفهم المُعلن أنه يقصد جريدة “الخبر”، وهي الجريدة الأكثر مصداقية وتأثيرا في الرأي العام.

مع ذلك، استمرت “الخبر” في خوض معارك “الكرامة”، ولم تلتفت إلى تحرشات السلطة، مادام رأسمالها قراءها وثقة المعلنين فيها كبيرة، علما بأن يومية “الخبر” محرومة من الإشهار المؤسساتي والعمومي منذ سنة 1998، أي منذ 18 عاما، لكن “الخبر” لم تطالب طيلة هذه الفترة بمنحها الإشهار العمومي، بل كانت ولا تزال تطالب بطرح إشكالية فتح سوق الإشهار وتنظيمه، حتى يصبح توزيع الإشهار العمومي غير مرتبط بقرار سياسي، وإنّما تحكمه قواعد المنافسة، علما بأن السلطة تحتكر سوق الإشهار، وهو الاحتكار الذي ينافي قانون المنافسة.

الشعب لنصرة “الخبر”

ورغم أن “الخبر” لم تطالب باستفادتها من الإشهار العمومي، إلا أن الجرأة بلغت بمسؤول كبير في الدولة، وهو وزير الاتصال، الخوض في حملة “قذرة” ويائسة تهدف إلى خنق أكبر عنوان في الجزائر، لطالما دافع عن كيان الدولة لما احتاجت الجزائر لذلك، خصوصا خلال سنوات الإرهاب، حين تخندقت “الخبر” في أول صفوف المدافعين عن الخيارات الإستراتيجية للدولة الجزائرية، وعن النظام الجمهوري والحريات والحقوق في مواجهة الإرهاب.

ولأن العصب المالي لأيّ صحيفة في العالم، هي عائدات إشهار المُعلنين فيها، أضحت مقاومة “الخبر” لضائقتها المالية بسبب شح إشهار الخواص على صفحاتها منكمشة، مما استدعى بملاكها النظر بعيدا قصد حمايتها حفاظا على استقلاليتها، فكان خيار التحالف مع المجمع الصناعي الكبير “سيفيتال”، فقرّروا تحويل حصص وأسهم منها إلى فرع المجمع “ناس برود”، وبمباركة من صحفييها وعمالها عبر الفرع النقابي لـ “الخبر”، فكان القرار بمنزلة “الصدمة” لجزء من السلطة، فشغلوا آلة التعسّف من جديد، عبر وزير الاتصال حميد ڤرين، وجروا “الخبر” في اليوم العالمي لحرية الصحافة إلى المحكمة لإبطال صفقة تحويل جزء من الأسهم. 

في المحكمة

وقع الصدمة كان شديدا على وزير الاتصال وعلى من يحتمي به لضرب “الخبر”، فالالتفات الشعبي حول جريدتهم، بل بيتهم “الخبر”، كان يفوق تصور الدولة في حد ذاتها، فهبت الجماهير لنصرة “الخبر”.

بتاريخ 28 أفريل الماضي، يدق محضر قضائي باب “الخبر” ليبلغ إدارتها بأن الجريدة مدعوة لحضور جلسة بالمحكمة الإدارية بتاريخ 2 ماي الجاري، فلم تكن المفاجأة كبيرة من سلطة لا تخفي أنها تقمع حرية التعبير، فلم تدم الجلسة سوى دقائق، أحال فيها قاضي الاستعجال الدعوى من الغرفة الأولى إلى الغرفة الثانية.

لم يكن ممكنا لدى قراء ومحبي “الخبر”، أن تحاكم “الخبر” في الجلسة الثانية التي تمت بتاريخ 4 ماي الجاري، لوحدها، فقد رافقها المئات من قرائها صوب المحكمة الإدارية ببئر مراد رايس، ورفعوا مع صحفييها وعمالها شعارات تندد بخنق صوت الضعفاء والمهمشين. في هذه الجلسة، تأسّس محامو الطرفين، وانفض هؤلاء من حول القاضي، فيما ضرب قراء “الخبر” موعدا جديدا لنصرتها أمام المحكمة، بعدما أبلغوا أن القضية أجلت إلى يوم 11 ماي، وفي التاريخ تشرفت “الخبر” بحضور نوعي لمثقفين وسياسيين ورجال قانون يؤمنون برسالة “الخبر” طيلة 26 سنة من الوجود، بينما تعقد اليوم 25 ماي رابع جلسة في قضية “الخبر” بمحكمة بئر مراد رايس.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى