الجزائر تؤكد على حرمة الممثليات الدبلوماسية
تمكنت المملكة العربية السعودية من حشد دعم عربي يضاف لقائمة التنديدات والرفض للهجوم على بعثاتها الدبلوماسية بإيران، على خلفية الأزمة التي اندلعت بين البلدين بعد تنفيذ حكم الإعدام في حق 47 شخصا، غير أن لبنان كسر الإجماع العربي ورفض التوقيع على البيان الختامي الذي صادق عليه وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الاستثنائي الطارئ بالقاهرة.
كشفت مصادر دبلوماسية أن امتناع لبنان عن الموافقة على البيان الختامي لوزراء الخارجية العرب على إدانة الاعتداءات الإيرانية على البعثات الدبلوماسية السعودية، خشية الدخول في صدام مع حزب الله، باعتباره جزءا من الحكومة اللبنانية، بما كان سيؤدي لاستقالة وزراء حزب الله من الحكومة، وما يجعل لبنان في مأزق كبير، قد يؤدي لاندلاع موجة جديدة من حرب طائفية محتملة.
وأوضحت مصادرنا بأن لبنان نأى بنفسه، وامتنع عن التوقيع على البيان لتضمينه إدانة واضحة وصريحة لـ”حزب الله”، بسبب تدخله في الأزمة السورية ودوره هناك، وربطه بأعمال إرهابية، فيما هو ممثل في مجلس النواب ومجلس الوزراء اللبنانيين، وطالب لبنان بإزالة هذه العبارة أو الامتناع عن التصويت.
وقالت مصادرنا إن الأمين العام للجامعة العربية تفهم موقف لبنان الملتزم بسياسته القائمة على النأي بالنفس عن الأزمات المشابهة، حيث إن لبنان أكد لمجلس الجامعة بأنه متضامن مع القرار لكنه يرفض إدانة حزب الله.
وفيما يتعلق بموقف العراق الذي تحفظ وأبدى ملاحظاته عن البيان، ثم عاد وتجاوز عنها، كشفت مصادرنا المؤكدة بأن العراق كان حاضرا في كتابة الصيغة النهائية التي خرج بها البيان، بعد إبدائه بعض الملاحظات التي تم تعديلها لضمان عدم اعتراض باقي الدول العربية، ولفت مصدرنا إلى أن العراق يرى بأن الصيغة التي خرج بها البيان ليست تصادمية وإنما تصالحية، بحيث لم يتضمن قطع علاقات أو تصعيد مع إيران، وإنما دعوة لطهران للالتزام بحسن الجوار، وعلى أساس ذلك منح الأمين العام للجامعة ووزير الخارجية السعودية، العراق فرصة بهدف إعادة العلاقات الطبيعية بين الدولتين وبما يكفل تهدئة الأمور بينهما، وبالتالي كان العراق، الذي تدخل في صياغة البيان، ملزما بالتوقيع على البيان وأن يقف موقف الحياد بين طهران والرياض، من أجل تقريب وجهات النظر وفتح قنوات الاتصالات بينهما.
وفي السياق، قالت مصادرنا إن موقف الجزائر والسعودية يكاد يكون متطابقا، وأن القرار كان توافقيا بين الدول الأعضاء، وأن الجزائر شاركت أيضا في صياغة البيان الختامي وقرار الإدانة.
وأعربت الجزائر عن بالغ أسفها لتدهور العلاقات المعقدة بين البلدين، وحذرت من أن تتحول إلى أزمة مفتوحة تؤدي بالنتيجة إلى نسف الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد الحلول السياسية في المنطقة، وتطيل أمد معاناة السوريين واليمنيين، ومكافحة الإرهاب الذي يشكل تهديدا مباشرا على أمن واستقرار دول المنطقة والعالم، داعية القيادات السياسية للبلدين إلى ضبط النفس والتهدئة وإزالة مظاهر التوتر لتفادي تدهور الأوضاع التي قد تكون عواقبها وخيمة وخطيرة على الصعيدين الثنائي والإقليمي، في سياق جيوسياسي وأمني في غاية الحساسية.
وأكد مندوب الجزائر لدى الجامعة العربية، السفير نذير العرباوي، بأن الجزائر من حيث المبدأ ترفض أي اعتداء على التمثيليات الدبلوماسية والقنصلية في كل مكان وتحت أي ظرف، وتشدد على حرمة هذه البعثات وضرورة صونها وتوفير الحماية اللازمة لها، التزاما بالقانون الدولي.
واعتبرت الجزائر اعتذار السلطات الإيرانية لحرق البعثتين الدبلوماسيتين التابعتين للسعودية، مع الالتزام ببذل كل الجهود لاعتقال ومحاكمة المتورطين في الاعتداء، بأنه خطوة في الطريق السليم لاحتواء الأزمة.