الجزائريون يتهافتون على كاميرات المراقبة
أصبح اقتناء كاميرا المراقبة أمرا ضروريا بالنسبة للكثير من الجزائريين الباحثين عن تأمين ممتلكاتهم، فوجودها يردع العابثين من الاقتراب من المنازل والمحلات التجارية. ولا يقتصر تركيبها على أصحاب المال فحسب، بل أصبحت من الأساسيات حتى بالنسبة للموظفين العاديين، لمراقبة أطفالهم وبيوتهم في غيابهم.
مراد، عبد الوهاب، أحمد، منيرة وغيرهم كثيرون، يعتبرون أن وجود الكاميرا في البيت أمرا حتميا فرضه غياب الأمن وانتشار الجريمة وتكرر حوادث السرقة، خاصة عند السفر، وهو حال أحمد، إطار في شركة عمومية، تعرض قبل نحو سنة لسرقة بيته بعين البنيان في العاصمة، أخذ فيها اللصوص كل الأشياء الثمينة “فلم أجد بدا من وضع الكاميرا”.
يقول محدثنا: “كنت قد انتقلت حديثا إلى شقتي الجديدة بعين البنيان، وبعد نحو أسبوعين اضطررت للسفر، وتركت زوجتي وأطفالي في بيت أصهاري، وبعد عودتي وجدت الشقة قد أفرغت من كل محتوياتها، حتى جهاز التلفزيون والميكرويف وملابس زوجتي وأحذيتي أخذوها، وكان سهلا عليهم تنفيذ الأمر لأن العمارة كانت غير مشغولة بالكامل بحكم أنها بناء جديد”. وحتى يضمن حماية بيته وجد محدثنا في تركيب كاميرا “اي بي” لمراقبة البيت عن طريق الإنترنت الحل الأمثل، يقول: “وضعتها أمام باب شقتي بحيث يجهل وجودها حتى الجيران، ووضعتها في رواق البيت أيضا، ويمكنني في أي وقت متابعة ما يحدث في بيتي”.
ودفع أحمد نحو 12 مليون سنتيم مقابل اقتناء الكاميرا وتركيبها ولواحقها “وهو ثمن زهيد مقارنة مع الأمن الذي تضمنه لي”.
اعتداء في سلم العمارة
وإذا كان أحمد قد لجأ إلى وضع الكاميرا بسبب السطو على بيته، فمنيرة التي تقيم بحي ڤاريدي بالقبة تعرضت قبل سنوات إلى اعتداء وهي تهم بالصعود إلى شقتها، حيث تقيم بمفردها، وقام اللص بأخذ حقيبتها “لكن الرعب الذي عشته وأنا أحاول مقاومته أرهبني أكثر بكثير من تضييع حقيبتي ومحتوياتها”. وقامت منيرة بعد الاتفاق مع جيرانها بتثبيت كاميرا في مدخل العمارة وأخرى في شقتها لمراقبة محيطها، كلفتها نحو 60 ألف دينار “منذ تثبيتها أصبحت أشعر بالأمان أكثر، وأقوم بمعاينتها بمجرد وصولي إلى موقف السيارات عن طريق هاتفي النقال، حتى أضمن أن المكان آمن”.
الكاميرا تبعد اللصوص
أما السيد عبد الوهاب، صاحب شركة خاصة بضواحي عين النعجة، فزود بيته بكاميرا مراقبة منذ سنوات، بعد تعرضه للسرقة أيضا “وكلفنا تثبيتها وقتها نحو 30 مليون سنتيم، وكانت الكاميرا أقل تطورا من المتوفرة في السوق حاليا”. وأضاف محدثنا أن مجرد وجود الكاميرا في البيت، يضمن لك ابتعاد اللصوص عن محيط بيتك “فهي عامل ترهيب بالنسبة إليهم بالتأكيد”.
ولم يكتف عبد الوهاب بوضع الكاميرا في محيط بيته، بل زود شركته ومكتبه بكاميرا مراقبة. وفي السياق، روى لنا حادثة وقعت له مع أحد موظفيه، كان قد طلب منه اقتناء بعض الحاجيات وسلمه النقود في مكتبه، وبعد عودته وطلب المال الباقي أكد له الموظف أنه سلمه المال في مكتبه، وهو يجهل أن المكتب مزود بكاميرا مراقبة، وبعد معاينة التسجيلات تبين كذب الموظف.
انتهاك للخصوصية
لكن بالمقابل، لا يرحب بعض أصحاب المنازل المجاورة للبيوت المزودة بكاميرا المراقبة بوجود الكاميرا في محيط سكناتهم، وهو حال السيد محمد المقيم بأحد أحياء دالي ابراهيم بالعاصمة “عندما يركّب الجيران كاميرا في محيط منازلهم، لا يراعون حرمة جيرانهم ولا خصوصيتهم”.
وأضاف محدثنا أنه دخل في شجار مع جاره أكثر من مرة لأنه وضع الكاميرا مقابل بيته، وهي تكشف محيط ساحة بيته وحركة أفراد عائلته في البيت، رغم أنه من المفروض أن لا تغطي الكاميرا إلا مساحة محدودة من محيط البيت.
وهو نفس ما ذهبت إليه سيدة رفضت الكشف عن اسمها، قالت إنها أصبحت تتجنب الذهاب إلى بيت شقيقة زوجها التي تقيم في فيلا بالأبيار، لأن بيتها مراقب بشكل كامل بالكاميرات “في غرفة الاستقبال في الرواق وفي المطبخ، لا أشعر بالراحة بتاتا وأشعر بأنني مراقبة طيلة الوقت، لأن شقيقة زوجي تترك أبناءها مع الخادمة وتراقبهم من مقر عملها، لكن المفروض أن يقتصر تشغيل تلك الكاميرات في وقت خروج أهل البيت، على أن يتم إيقافها في حال قدوم أحد الضيوف حتى لا يشعر الضيف بالحرج وبأنه مراقب طوال فترة الزيارة، وحتى لا نقيّد حريته، وأيضًا في وقت تواجد الأبناء داخل المنزل والأهل”. وأجمع أغلب أصحاب الكاميرات الخاصة على جهلهم بطرق الحصول على الترخيص لتثبيت الكاميرا، مؤكدين أنهم قاموا بتركيب الكاميرا دون الحصول على رخصة من الجهات المختصة، وحجتهم في ذلك “مادمت لا أتجاوز حدودي ولا أقترب من خصوصيات الآخرين، فما ضرورة الرخصة؟”.
كاميرا المراقبة.. عين على الجريمة
تعتبر تسجيلات الكاميرا دليلا ماديا مهما بالنسبة لعناصر الأمن لفك أسرار الجرائم. وتكشف التحقيقات الأمنية أن الاستعانة بكاميرا المراقبة الشخصية ساعدها في فك لغز الكثير من الجرائم.
مكّن استغلال كاميرا إحدى الفيلات بأحد أحياء دالي ابراهيم في العاصمة من فك لغز جريمة قتل سنة 2014، حيث عثر على الضحية مقتولا في سيارته وعلى جسده آثار طعن بالسكين.
ولم يترك الجاني أي دليل مادي وراءه ليكشف عن هويته لدى المحققين، لا آثار بصمات، ولا أداة الجريمة، ولا حتى دلائل أخرى قد يكشفها تحليل الحمض النووي، لكن ما غفل عنه الجاني، هو وجود كاميرا مراقبة توثق لجريمته وتسجل كل تفاصيلها.
فبعد العثور على الجثة، كان أول ما قام به المحققون هو معاينة تسجيلات كاميرا إحدى الفيلات القريبة من مكان الحادث بعد الحصول على أمر من وكيل الجمهورية لاستغلال التسجيلات، وكشفت هذه الأخيرة كل تفاصيل الحادث، عندما ترصد الجاني للضحية في شارع تقل فيه الحركة، وقطع عليه طريقه عند مروره أمام ممهل، ثم نزل من السيارة ووجه له طعنات قاتلة بسبب دين بينهما، ولم يكن القاتل إلا صديق الضحية.
لصوص الخزنة المصفحة لم يذهبوا بعيدا
من بين القضايا التي فككت لغزها كاميرا المراقبة قضية سرقة كبيرة تعرض لها رجل أعمال ببوزريعة في العاصمة سنة 2013، عندما كان متواجدا خارج البلاد، حيث ترصد له اللصوص يوم سفره، وبمجرد أن غادر بيته أدخلوا سيارتهم إلى مرآب الفيلا، وأمضوا الليل في المرآب، حيث قاموا بإحداث ثقب في سقفه حتى يسهل عليهم نقل الخزنة من الغرفة التي تتواجد بها مباشرة إلى سيارتهم بسبب ثقلها. وبعد عودة صاحب البيت واكتشافه السرقة، أودع شكوى لدى مصالح الأمن وقامت هذه الأخيرة باستغلال تسجيلات كاميرا جيران الضحية التي كشفت بسهولة لحظة دخول السيارة إلى المرآب ولوحة ترقيمها، ليتم توقيف السائق الذي كشف عن شركائه.
يصدم طفلا ويلوذ بالفرار
لايزال سكان حي شوفالي بالعاصمة يتذكرون الحادث المأساوي الذي راح ضحيته طفل في يوم رمضاني حزين، صدمته سيارة من نوع “باسات” لحظات قبيل صلاة المغرب ولاذ صاحبها بالفرار. إلا أن استغلال كاميرا المراقبة الموجودة في محيط الجريمة مكن بسهولة من تحديد هوية الفاعل، وتم توقيفه.
سرقة قرابة مليارين لم تدم طويلا
تعرض أحد تجار الجملة في حي المنظر الجميل بالقبة في العاصمة، منذ نحو أربعة أشهر، لسرقة خزنة من محله كان داخلها نحو مليار و700 مليون سنتيم. ولو أن صدمة صاحب المحل كانت كبيرة، إلا أن سيناريو عملية السرقة عرف نهايته بسرعة بعد الاستعانة بكاميرا المراقبة للمحل المجاور لمحل الضحية، والتي لم ينتبه لها اللصوص لأنها كانت مثبتة في مكان سري خلف لوحة إشهار، فتم تحديد هويتهم وتوقيفهم.