رئيس الجمهورية يوجه رسالة بمناسبة الذكرى الـ 64 المخلدة لمظاهرات 11 ديسمبر 1960
بعث رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، اليوم الثلاثاء، رسالة بمناسبة الذكرى الـ64 المخلدة لمظاهرات 11 ديسمبر 1960 هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أَشْرَفِ الـمُرْسَلِينَ،
أيَّتُـها الـمُوَاطِنَاتُ .. أيُّـها الـمُواطِنُون،
في كُلِّ مُناسَبَةٍ مُرتَبطةٍ بالذّاكرةِ الوَطنيَّةِ، يَسْتَوْقِفُنَا وَاجِبُ إجلالِ تَضْحِيَاتِ الشَّعْبِ الجزائريِّ وَالانحِناءُ أمامَ نِضالاتٍ طَويلةٍ مَريرَةٍ، وَكِفاحٍ شاقٍّ باهِضٍ، سَجَّلهُمَا لهُ التّاريخُ الـمُعاصِرُ على صَفَحات حافِظةٍ لِدُروسِ وَعبَرٍ في التَعلّق بالحُرّيّةِ..
تَأتي الذِّكْرَى الرَّابِعَةُ وَالسِّتُونَ (64) لـمُظاهــراتِ11 ديــــــــــسمبر 1960، لِتُبرِزَ معاني بَالِغَةَ الدَّلالَةِ في الوفاءْ وَالوَلاءِ للوطنِ..فَلَقَدْ كَانَتْ في زخَمِ تلكَ الظّروفِ التَّاريخيَّةِ القَاسِيَةِ صَوْتًا لِلْحُرِيَّةِ وَالكَرَامَة، وَصَرْخَةً بِالحَقِّ في وَجْهِ الطُّغْيَانِ وَالهَيْمَنَةِ الاسْتِعْمَاريَّةِ .. أكّدَت بِجَلاءٍ سَاطِعٍ تَلاحُمَ الشَّعْبِ الجزائريّ، وَانْصِهَارَهُ في أُتُونِ ثَوْرَةِ التَّحرير الـمَجِيدَة .. وَفي صَمِيمِ الأهْدَافِ الَّتي رَسَمَهَا بَيَانُ أوَّلِ نُوفَمْبَرَ الخَالِدْ.
إنَّ الشَّعْبَ الجزائريَّ الفَخُورَ بِإرْثِهِ الـمُقَدَّسِ في التَّمَاسُكِ وَالدِّفَاعِ عَنْ وِحْدَةِ الأُمَّة، وَسِيَادَةِ الشَّعْبِ، وَحُرْمَةِ التُّـرابِ الوَطنيّ، هُوَ شَعْبٌ تَشَبَّعَ -عَبرَ الـمَراحِلِ وَالحِقَبِ- بِرُوحٍ وَطَنِيَّةٍ مُتَجَذِّرةٍ، وَعَقَدَ العَزْمَ على الوَفَاءِ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ لأرْضِ الشُّهَدَاءِ، وَلِرِسَالَتِـهِم الأبَدِيَّة .. وَبِـهَذِهِ الرُّوحِ يَبْنِــي دَعَائِمَ الدَّوْلَةِ القَوِيَّةِ، الـمُحَصَّنَةِ بِـمُؤَسَّسَاتِـهَا، وَبِقُدُرَاتِـهَا الاقْتِصَادِيَّةِ .. وَبِأُهْبَةِ جَيْشِهَا وَدِرْعِ دِفَاعِهَا .. مُدرِكًا لِحَجمِ التّحَدّيَاتِ الرّاهِنَةِ في مُحيطِنَا القَلِقِ الـمَشُوبِ بِالتَّوَتُّر.
أيَّتُـها الـمُواطنات .. أيُّـها الـمُواطنون،
لَقَدْ أكْرَمَ اللهُ تَعَالى الجَزائرَ، فَمَنَّ عَلَيْـهَا بِالنِّعَمِ .. وَأَعَزَّهَا شَعْبُـهَا الأبيُّ بِوَعْـيٍّ وَطَنِـــيٍّ، يُحَصِّنُـهَا بِهِ أمَامَ نَوَايَا الـمُتَآمِرِينَ .. وَحِقْدِ الحَاقِدِينَ .. وَيُبْطِلُ بِهِ الـمُحَاوَلاتِ اليَائِسَةِ لإحْبَاطِ إرَادَةِ الوَطَنِيِّينَ الغَيُورينَ على الجَزائرِ، حَامِيًا بِوَعْيِهِ الـمُتَّقِدِ لِأَمْنِ وَاسْتِقْرَارِ الـمُجْتَمَعِ، وَمُنْشَغِلًا في هَذِهِ الـمَرْحَلَةِ الحَسَّاسَةِ بِرِهَانَاتٍ كُبْرَى، وَأوْلَوِيَّاتٍ مُلِحَّةٍ، لاسْتِكْمَالِ الـمَشْرُوع الوَطَنِيّ التَّنْمَوِيّ الشَّامِل وَالـمُسْتَدِيم، الَّذي انْطَلَقَ في الجزائِرِ الجَدِيدَةِ .. وَتَتَواصَلُ تَرجَمَةُ أَبْعادِهِ الاستراتِيجِيَّةِ بِعَبقَرِيَّةِ الشّعبِ وَسَوَاعِدِ الجَزائريّاتِ وَالجَزائِريّين في الجَزائِرِ الـمُنتَصِرَةِ.
وَإنَّنَا لَنَعْتَزُّ أيُّمَا اعْتِزَازٍ بِشَعْبٍ عَظِيمٍ يتّجهُ إلى الأهدافِ النّبيلَةِ،وَجَذْوَةُ الوَطَنِيَّةِ لا تَنْطَفِئُ في أعْمَاقِهِ، يَحْمِلُ الوَطَنَ عَلى أكْتَافِهِ، وَدِيعَةً مِنَ الشُّهَدَاءِ الأبْرَار، الَّذين نَتَرَحَّمُ على أرْوَاحِهِم الزَّكِيَّةِ في هَذِهِ الـمُنَاسَبَةِ الخَالِدَةِ الَّتي أتَوَجَّهُ فِيهَا بِالتَّحِيَّةِ وَالتَّقدِيرِ إلى أخَوَاتي الـمُجَاهِدَاتِ وَإخْوَاني الـمُجَاهِدِينَ أطالَ اللهُ في أعْمَارِهِم.
” تَحيَا الجَزائِــــر ”
الـمَجْد والخُلودُ لِشُهدائِنَا الأبرَار
والسّلامُ عَليكُم ورَحمَةُ اللهِ تَعالى وَبركاتُه.