زراعة الزيتون شعبة إستراتيجية في تطور مستمر بجنوب البلاد
تسجل زراعة الزيتون بجنوب البلاد نتائج مشجعة تستحق التثمين إذ ما فتئت تعرف من سنة إلى أخرى اتساعا في مساحاتها رغم العوامل الطبيعية والمناخية الصعبة التي من شأنها أن تعيق تطورها وفقا لما أفادت به محافظة تنمية الفلاحة في المناطق الصحراوية الكائن مقرها بورقلة.
ويعود تطور زراعة الزيتون بالجنوب الذي بدأ منذ أزيد من خمسة عشرة عاما إلى الإصلاحات التي عرفها قطاع الفلاحة والإقبال المتزايد للفلاحين على هذه الشعبة مما ساهم في بلوغ سنة 2015 مساحة إجمالية قوامها 12.973 هكتار تتوزع عبر إقليم عدة ولايات على غرار بسكرة والوادي وغرداية والأغواط وبشار وورقلة مثلما تمت الإشارة إليه. وخلال نفس الفترة سجلت هذه الجهة من الوطن التي تحصي 3.409.308 شجرة زيتون من بينها 1.673.619 شجرة منتجة من مختلف الأصناف (المحلية والمستوردة) لاسيما الشملال والسيقواز والروجات والتابلوط والمانثانيلا والفرانتويو والأربيكينا إنتاجا يقدر بـ 220.055 قنطار من الزيتون منه 139.405 قنطار من زيتون المائدة و80.650 من الزيتون الموجه لاستخراج الزيت. وتتصدر ولاية بسكرة سلم الترتيب في هذه الشعبة بمساحة 4.245 هكتار أي بنسبة 33 في المائة من المساحة الإجمالية بالجنوب في حين تحتل ولاية الوادي المركز الثاني بـ 3.000 هكتار (23 في المائة) متبوعة بالأغواط في المركز الثالث بـ 2.082 هكتار (16 في المائة).
تحديات لتطوير زراعة الزيتون بالمناطق الجافة..
وبهدف إنتاج مواد ذات جودة تستجيب لمتطلبات المستهلك بالأسواق الوطنية والدولية يجب أن تتم عملية تطوير هذه الشعبة من خلال التركيز على عدد من المحاور الأساسية أهمها توسيع نطاق المساحة المزروعة مع الأخذ بعين الاعتبار مسألة اختيار أصناف الزيتون التي تتلاءم مع خصوصيات هذه المناطق واستعمال نظام السقي بالتقطير لتوفير المياه إلى جانب استخدام المكننة الزراعية والعمل على عصرنة الأدوات التحويلية. كما يتطلب الأمر أيضا تكثيف الحملات التوعية لفائدة المنتحين وتشجيع البحث العلمي خاصة فيما يتعلق بمكافحة الأمراض التي تصيب أشجار الزيتون إلى جانب السعي نحو استحداث تعاونيات ووحدات مختصة بمجال مراقبة الجودة والنوعية والتوضيب والتحويل والبيع والتسويق وتصدير المنتوج.
كما تمت الإشارة إلى أن الدولة قد بذلت جهودا كبيرة في مجال تطوير هذه الشعبة الإستراتيجية من خلال توسيع المساحات المزروعة وذلك ليس بغرض الاستجابة لمتطلبات الاستهلاك المحلي فحسب بل من أجل الرفع من قدرات الإنتاج الموجه للتصدير. وعلى غرار عدة ولايات بالجنوب أين تعد زراعة النخيل المنتج للتمور النشاط المحوري بالنسبة للفلاحة الصحراوية أطلقت ولاية ورقلة برنامجا “طموحا” لتوسيع المساحات المخصصة لهذه الشعبة بعدة مناطق كحاسي بن عبد الله والحجيرة وقاسي الطويل التي تضم حاليا عدد من المستثمرات الفلاحية لزراعة الزيتون حسب محافظة تنمية الفلاحة في المناطق الصحراوية.
بن ساسي نموذج للنجاح و رفع التحدي…
لقد أصبح ابن ورقلة الشاب عبد الجبار بن ساسي نموذجا يحتذى به في النجاح ورفع التحدي في مجال زراعة الزيتون بالمناطق الجافة. وتتربع مزرعة بن ساسي على مساحة إجمالية قوامها 120 هكتار قابلة للتوسعة ببلدية حاسي بن عبد الله بالقرب من الطريق الوطني رقم 56 الرابط بين مدينتي ورقلة وتقرت. وتحصي المزرعة نحو 2.000 شجرة زيتون من مختلف الأصناف (شملال و سيقواز) مزروعة على مساحة مستغلة تقدر بـ 40 هكتار حيث بلغت كمية الإنتاج التي تم جنيها الموسم المنصرم 2.500 قنطار بمعدل 12 كلغ في الشجرة الواحدة.
كما تضم المزرعة معصرة عصرية هي الأولى من نوعها لإنتاج زيت الزيتون بالولاية حيث وصل إنتاجها من الزيت العام الماضي إلى 37.500 لتر بمردود يقدر بـ 15 لتر من الزيت في القنطار الواحد من الزيتون. ولتعزيز قدرات الإنتاج يتطلع السيد بن ساسي ضمن أهدافه المسطرة على المدى المتوسط إلى مضاعفة المساحات المزروعة فضلا عن إنجاز وحدة لتصبير الزيتون في حين تجري الأشغال لإنجاز مشتلة تمتد على مساحة تقدر بـ 8 هكتارات. وفي سياق متصل يسعى صاحب هذا المشروع الذي يعد ثمرة استثمار خاص بدعم تقني من طرف خبراء إسبان إلى إدخال أصناف جديدة من أشجار الزيتون المستوردة من إسبانيا على غرار الأربكينا والأربوسانا.