الوطني

“الجزائر تعيش سلما بوليسيا”

 

أعطى تقرير لمنظمة “مراسلون بلا حدود” صورة غير وردية عن حرية الصحافة في الجزائر، معاكسة لتلك التي تسوقها السلطة خصوصا في المناسبات الرسمية المرتبطة بحرية التعبير والإعلام. فقد صنفت الجزائر في مرتبة متأخرة ضمن تصنيف دولي شمل 180 دولة، حيث احتلت المرتبة 129، بسبب “المشهد الإعلامي القاتم” الذي أفقدها 10 درجات عن ترتيب تقرير 2015.

أدرجت الجزائر في التقرير السنوي الصادر، أمس، ضمن فئة البلدان التي “تعيش في سلم”، لكنه “سلم بوليسي”، وفقا لوصف منظمة “مراسلون بلا حدود”، وقد أدى هذا الوضع إلى “عدم تواني السلطات في خنق الصحافة وتكميم الأصوات الإعلامية، تحت ذريعة حفظ الأمن والاستقرار، حيث أصبح المشهد الإعلامي قاتما في الجزائر، والتي تشهد موجة من الغلق القسري للقنوات التلفزيونية”.

هذا “المشهد الإعلامي القاتم” وضع الجزائر في المرتبة 129 عالميا، بفقدانها 10 درجات عن السنة الماضية، فيما أرفق التقرير بخريطة تفاعلية عن “التنصيف العالمي لحرية الصحافة 2016”، جرى فيها التفريق بين درجات حرية الإعلام بين الدول بـ«الألوان”، وقد اختارت المنظمة خمسة ألوان: الأبيض (وضع جيد)، الأصفر (وضع جيد إلى حد ما)، البرتقالي (وضح حساس)، الأحمر (وضع صعب) والأسود (وضع خطير جد)، وتلونت خريطة الجزائر بـ«الأحمر”، أي حرية الصحافة في وضع صعب.

وأصدرت الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان “تعليقا” على تقرير “مراسلون بلا حدود”، أوضحت فيه بأنه “رغم المجهودات المبذولة من طرف أصحاب المهنة، إلا أن الواقع ما زال بعيدا عن الآمال التي تطمح إليها الصحافة الجزائرية، رغم أن الصحافة الجزائرية كان يضرب بها المثل في بداية التسعينات على مستوى البلدان العربية والإفريقية، أما اليوم أصبحت الحكومة الجزائرية تتعامل مع هذه المهنة، وفق سياسة الكيل بمكيالين وتفرق بين القطاعين العام والخاص”.

وعزت الرابطة تراجع الجزائر في مؤشر الصحافة لسنة 2016، إلى عدة أسباب أبرزها “القيود التي لاتزال تكبل مهنة الصحافة قائمة من طرف السلطة وإن تعددت الطرق والأساليب الملتوية، منها وجود الرقابة المصطنعة تحت ذريعة المصلحة العامة، الأمن القومي، حماية النظام العام، وواجب التحفظ، وكلها تتجه نحو ستار تحمي به السلطة نفسها من النقد”.

ومن بين تلك الأسباب أيضا، وفقا للرابطة، “خضوع العديد من العناوين الصحفية لمسألة الإشهار، حيث تكون الجرائد مطالبة بالسير وفق خط معين، يخدم السلطة، وإلا فهي معرضة لسحب خدمة الإشهار منها. فالإشهار لا يزال سلاحا في يد السلطة تنفذ به سياسة العصا والجزرة بامتياز، فتحول الإشهار بالتالي إلى ريع يوزع حسب مبدأ الولاء والطاعة”.

وكشفت الرابطة أن “هناك حديثا عن غلق ما بين 40 إلى 50 صحيفة بدعوى عدم قدرة الوكالة الوطنية للنشر والإشهار، على إمداد الكم الهائل من العناوين الإعلامية المقدر عددها بحوالي 150 عنوان، ما بين يومية إخبارية عامة ورياضية، بالإعلانات العمومية التي هي مصدر التمويل الرئيسي للصحف”.

وعلى ضوء هذه العيوب، اقترحت الرابطة في بيانها “تفعيل دور المجلس الأعلى للإعلام وحل مشكل الإشهار، إعادة الاعتبار والهيبة إلى الصحفي وذلك من خلال تسهيل وصوله إلى مصدر الخبر، مساهمة الحكومة في تسهيل أداء وتطوير مهنة الصحافة، وتهيئة المناخ الملائم”. وبالعودة إلى التقرير السنوي لـ«مراسلون بلا حدود”، ذكر ملخص نشر على الموقع الإلكتروني للمنظمة بأن “نسخة 2016 تظهر مدى حدة الانتهاكات التي تئن تحتها حرية الإعلام واستقلالية الصحافة على أيدي بعض الدول، أو بفعل النزوات الأيديولوجية والمصالح الخاصة”.

 

تونس الأولى عربيا.. والمغرب غير مستقر

وشمل التصنيف 180 دولة من جميع أنحاء العالم، فبالنظر إلى المؤشرات الإقليمية، حسب فحوى التقرير، “يبدو أن أوروبا التي حازت على 19,8 نقطة، مازالت هي المنطقة حيث تنعم وسائل الإعلام بأكبر قدر من الحرية، بينما تليها بفارق شاسع، إفريقيا بعلامة 36,9 والتي تمكنت على نحو غير مسبوق من تجاوز منطقة الأمريكتين بمعدل 37,1، حيث تشهد أمريكا اللاتينية عنفا متزايدا ضد الصحفيين، أما شمال إفريقيا والشرق الأوسط فحازت على العلامة 5008، فإنها تظل المنطقة حيث يئن الصحفيون تحت وطأة الضغوط بجميع أنواعها وشتى أشكالها”.

عربيا، احتلت تونس صدارة الترتيب في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، وقد تقدمت بذلك 30 رتبة عن نسخة 2015. وذكرت “مراسلون بلا حدود”، “أنه بالرغم من أن تونس لاتزال بعيدة عن الدول الأوروبية الرائدة عالميا، من حيث حرية واستقلالية الصحافة، فإن البلاد قد حققت قفزة بـ30 رتبة في سنة لتحتل المركز 96 من بين 180 بلدا. أما الجارة الغربية “المغرب” فقد احتلت المرتبة 131 عالميا ووصفت بأنها “بلد غير مستقر”، فيما تبقى خمسة بلدان استنادا إلى التنصيف ذاته، في المنطقة خطيرة لسنة 2016 وهي البحرين، المملكة العربية السعودية، ليبيا، اليمن وسوريا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى