دموع وغضب وزغاريد في قرعة الحج
جرت عملية قرعة الحج، صباح أمس، في مختلف مناطق الوطن، بمقرات البلديات والمساجد وقاعات السينما والرياضة والمسارح. وبينما تبادل المحظوظون التهاني بالفوز بفرصة زيارة البقاع المقدسة، فإن آخرين لم يسعفهم الحظ، وعبروا عن ذلك إما بالاحتجاج أو بالبكاء، خاصة أن بعض المواطنين لجأوا إلى طرق ملتوية، وذلك عبر المشاركة وبيع مقاعدهم في حالة فوزهم، فيما ينتظر آخرون الإعلان عن سعر الحج فيما إذا كان يتلاءم والميزانية التي خصصوها له، أو إذا كانوا سيضطرون إلى الاستدانة أو التأجيل.
في العاصمة، اختارت البلديات القاعات الكبرى لإجراء قرعة الحج، على غرار بلدية الجزائر الوسطى التي خصصت قاعة السينما “الشباب” المعروفة سابقا بـ”الكازينو” لإجراء القرعة، حضرها جمع من المواطنين الذين خاب أمل الكثيرين منهم، حتى أن رجلا خمسينيا ذرف الدموع حزنا، فيما عبرت سيدة في السبعين عن تذمرها من تكرار العملية كل سنة دون أن تحظى بفرصة.
وببلدية سيدي محمد أجريت القرعة في مسجد”الهدى”، حيث استاء البعض من عدم ذكر أسمائهم، أما في بلدية الحمامات فاحتج بعض المواطنين بسبب عدم اختيارهم.
وفي بلدية القليعة بولاية تيبازة، شهدت قرعة الحج حادثة طريفة، تمثلت في تقدم عجوز من رئيس البلدية للتعبير عن احتجاجها من عدم ورود اسمها ضمن قائمة المسجلين بوصفها مجاهدة، وما كان على رئيس البلدية سوى أن شرح لها أن الأمر لا يتعلق بذوي الحقوق أو المسؤولين، قائلا: “أنا رئيس بلدية ولم يدرج اسمي ضمن الفائزين في القرعة”.
وفي ولاية بومرداس طالب عدد من رؤساء البلديات وعلى رأسهم “مير” تيجلابين الوصاية بضرورة منح الأولوية في الحصول على جواز الحج لبعض المشاركين الذين يتجاوز عدد مشاركاتهم 10 مرات، مع مراعاة سن المترشح. وقال المسؤول عن المجلس المنتخب إن أحد المشاركين في القرعة لم يسعفه الحظ في الفوز بالرغم من مشاركته 17 مرة، كما تحدث آخرون لـ”الخبر”، بعد نجاحهم في تخطي عتبة القرعة، أمس، عن اللجوء إلى الاستدانة حتى لا تضيع أمامهم الفرصة التي انتظروها منذ سنوات.
وبالمدية، سجل إقصاء آلي لمئات الراغبين في أداء مناسك الحج، بعد استحالة تسجيل أنفسهم للقرعة، لاعتماد الوزارة طريقة التسجيل الإلكترونية التي أبعدتهم، كونهم من ضمن المسجلين في دفاتر الحالة المدنية التي تعرضت للحرق على يد الجماعات الإرهابية سنوات الأزمة الأمنية، ولم تتم عملية تعويضها حتى الساعة، على غرار ما وقع في 18 بلدية عبر ولاية المدية، من بينها أولاد هلال غربي الولاية وتابلاط بشرقها.
ووقفت “الخبر” على مشاهد أخرى مؤثرة على مستوى بلدية الشلف، كوضعية أحد ذوي الاحتياجات الخاصة الذي جاهد للوصول إلى القاعة، حيث قدم بكرسيه المتحرك. حادثة أخرى لم يتوقعها الحاج خليفة، الذي قال إن سيدة فازت في القرعة لكنها تنازلت لكونها لا تستطع تدبر المبلغ المستحق لتغطية تكلفة الحج بعدما توفي معيلها.
وفي أفلو بولاية الأغواط، جرت عملية القرعة بالقاعة متعددة الرياضات، بحضور مكثف للمواطنين، غير أن إسقاط ذكر اسم الأب للفائزين أثناء المناداة، أثار تذمر المسجلين لتشابه العديد من الأسماء، وهو الأمر الذي ترك البعض يعيشون حالة قلق شديد.
وما يلاحظ أيضا أن الكثير من النساء ساهمن في إخراج مرافقيهن، سواء الزوج أو الوالد، لمرافقتهن لأداء الحج، فكانت النساء أكثر حظا من الرجال لولا ضرورة مرافقة الرجل للمرأة. نفس الأجواء شهدتها مختلف البلديات بالأغواط، حيث تمكن بعض الشباب من الظفر بالسفر للبقاع المقدسة، رغم أنه تسجيلهم الأول، فيما أصيب البعض بحسرة بعدما فاقوا 20 مرة من التسجيل دون أن يحالفهم الحظ. ولم يطرأ تغيير على حصة المواطنين بولاية الجلفة، ولم تتجاوز 600، رغم تعدادها السكاني تجاوز المليون وثلاثمائة ألف نسمة.
فيما ذكر رئيس مصلحة التنظيم والشؤون العامة ببلدية الخميس بولاية عين الدفلى، السيد دحمان رابح، أن قرعة حج هذا الموسم ابتسمت أكثر للنساء اللاتي فزن بالقرعة كمرافقات.
وفي سيدي بلعباس، احتضنت القاعة متعددة الرياضات بمركب 24 فبراير 1956 عملية سحب قرعة الحج، وكشف رئيس المجلس الشعبي البلدي لسيدي بلعباس، السيد بومليك الجيلالي، لـ”الخبر”: “لقد خصص لبلدية سيدي بلعباس نفس الحصة التي كانت لها السنة الماضية، مع أنني كمسؤول أول عن بلدية سيدي بلعباس كنت أتمنى أن يعاد النظر في الحصة بالنظر للأعداد الهائلة من المترشحين والمسجلين”.
أما بورڤلة، فقد سجل البعض أنفسهم كل سنة في قوائم الراغبين في أداء هذه الفريضة، غير أنه وبمجرد ما تبتسم لهم عملية القرعة يسارعون إلى بيع جواز الحج. وبولاية خنشلة ذرف، أمس، كبار السن دموعا بعد أن وجدوا أنفسهم خارج القرعة، فيما أكد البعض أنهم سيتحصلون على جوازات سفر من جهات أخرى ويحجون، فيما أكد البعض أنهم ينتظرون تكلفة الحج للفصل في أمر حجهم من عدمه.