سياحة و أسفار

“العمرة” .. لمن استطاع إليها سبيلا

صار الجزائري “يحسب ألف حساب” قبل أن يُنفق أُجرته الشهرية أو مُدخراته السنوية، وذلك نظرا للارتفاع الذي أقرّه قانون المالية 2016 في أسعار بعض المواد الاستهلاكية والخدمات، ومن بين العادات التي تراجع عنها هذه السنة هو الاعتمار، فحسب مختصين، يعتبر موسم العمرة الجارية، الأضعف مقارنة بالسنوات الماضية، رغم الإجراءات التسهيلية والتخفيضات التي قدمتها بعض الوكالات السياحية.

الجزائريون يتراجعون عن الاعتمار حفاظا على توازن ميزانياتهم

وكالات سياحية تُسجل أضعف موسم عمرة منذ سنوات

منذ دخول قانون المالية 2016 حيز التنفيذ بداية جانفي 2016 وإقرار زيادات في فواتير الكهرباء والغاز والوقود، وما يتبعها من رفع أسعار بعض المواد الاستهلاكية وبعض الخدمات، على غرار الهاتف، كل هذا اضطر المواطن الجزائري إلى مراجعة الكثير من عاداته تجنّبا لانهيار ميزانيته، ومن ذلك الاعتمار وزيارة البقاع المقدسة.

وعبر مقارنة بسيطة بين الأسعار الخاصة بالعمرة سنة 2013 وبين سنة 2016، فإن الارتفاع بلغ 50 بالمائة، وهي النسبة التي تفوق طاقة الجزائري متوسط الدخل، فما بالك بضعيفي الدخل الذين صاروا يرون العمرة كـ”بريستيج”. فحسب صاحب وكالة سياحية “رفيق. ب”، فإن الموسم هذه السنة يختلف عن باقي المواسم، لأن انهيار قيمة الدينار أضرّ كثيرا بميزانيتهم، خاصة أن التسجيل للعمرة تزامن مع دخول قانون المالية حيز التنفيذ. وأشار نفس المصدر، بأن هذا سيضر الوكالات التي تعتمد حصريا على تنظيم رحلات العمرة والحج، وهو ما يفتح الباب أمام بعضها للتحايل على المواطنين، من خلال تقليص تكاليف الخدمات المقدمة له واستئجار فنادق بعيدة عن الحرم.

على صعيد آخر، قال مدير وكالة سياحية بغرب العاصمة، بأنه حدد مبلغ العمرة هذه السنة بـ20 مليون سنتيم، على أن يُحافظ على نفس الامتيازات التي كان يحصل عليها الحاج في السنوات الماضية، كما أفاد أنه يعرضعمرة بالتقسيط على دفعتين، أولى قبل الرحلة والثانية بعدها.  ولجأت الوكالات السياحية إلى بعض المواقع المتخصصة أو مواقع التواصل الاجتماعي من أجل نشر إعلاناتها واستقطاب المواطنين الراغبين في الاعتمار هذه السنة، وتراوحت الأسعار التي عرضتها بين 140 ألف دينار إلى 27 ألف دينار، وذلك حسب نوعية الخدمات المقدمة. 

وكان الديوان الوطني للحج والعمرة، قد رخّص لـ284 وكالة سياحية بتنظيم العمرة لموسم 2016 إلى غاية 17 جانفي المنصرم، ويمكن أن يرتفع عددها في انتظار استكمال العملية التي حدد آخر أجل لها منتصف شهر فيفري المقبل، حيث فضل ديوان الحج ترك الباب مفتوحا أمام المتعاملين، حسب ما نص عليه دفتر الشروط المنظم للعملية إلى منتصف شهر فيفري 2016، وذلك ليتمكنوا من تكوين ملفاتهم والسماح لهم بدخول هذا المجال.

إلغاء العديد من الرحلات التي كانت مبرمجة

تراجــــــع رهيــــــــب في أعـــــــداد المعتمريــــــن بسبــــــب ارتفـــــاع التكلفـــــة

سجّلت نقابة الوكالات السياحية، تراجعا رهيبا في عدد المقبلين على أداء شعيرة العمرة هذا الموسم، بسبب ارتفاع التكلفة وانهيار القدرة الشرائية، حيث قدّر السيد توفيق ميدون، رئيس النقابة على مستوى ناحية غرب البلاد، نسبة التراجع المسجلة لحد الساعة بـ60 في المائة مقارنة بنفس الفترة من الموسم الماضي.

واستشهد ذات المتحدث على التراجع الكبير المسجل في أعداد المعتمرين الجزائريين هذه السنة، بقرارات إلغاء العديد من الرحلات التي كانت قد برمجتها شركة الخطوط الجوية الجزائرية في وقت سابق، نتيجة عدم تسجيل الإقبال المرتقب من الزبائن الذين سطّرت نقلهم باتجاه البقاع المقدسة قياسا مع حجم الزبائن المسجل الموسم المنصرم. مضيفا بالقول “باستثناء التهافت الذي تم تسجيله في الرحلات الأولى عقب الافتتاح الرسمي لموسم العمرة، فإن باقي الرحلات عرفت تراجعا قياسيا، حتّم إلغاء العديد منها بصفة كلية”، يضيف المتحدث. وأوعز السيد ميدون أسباب هذه الوضعية إلى تراكم العديد من الأسباب “أبرزها استمرار تهاوي القدرة الشرائية لعموم المواطنين، والتكاليف الباهظة التي آلت إليها العمرة، إذ قفزت تكلفتها من 14 مليون سنتيم الموسم الماضي، إلى حدود 17.5 مليون سنتيم كأقل تكلفة لهذا الموسم (غرفة تضم أربع أشخاص)، وذلك باستثناء الأموال التي يأخذها المعتمر معه، والتي تكون عادة في حدود 500 إلى ألف أورو، مما يرفع التكلفة الإجمالية للعمرة إلى أكثر من 30 مليون سنتيم، أي ما يعادل تقريبا تكاليف أداء فريضة الحج”.

وحسب ممثل تنظيم الوكالات السياحية، فإن هذه الوضعية ستنعكس سلبا على عموم الوكالات التي تراجع رقم أعمالها بشكل لافت مؤخرا، باعتبار أن نفس الوضع ينطبق على الأسفار المنظمة باتجاه مختلف الوجهات السياحية وعلى رأسها تركيا، في ضوء تسجيل إقبال محتشم من قبل الزبائن في الفترة الأخيرة، مضيفا بأن “هذا الوضع تستغله بعض الوكالات الطفيلية لتسقط العديد من الضحايا في فخها، عن طريق الإغراء بتنظيم رحلات عمرة بأسعار منخفضة، غير أنها تعمد إلى إيواء المعتمرين الذين تؤطرهم في فنادق تبعد عن الحرمين الشريفين بمسافات تصل إلى ثلاث كيلومترات، فضلا عن حشر ثمانية معتمرين في غرفة تسع أربعة أشخاص”، على حد قوله.

وأمام هذا الوضع، شدّد ميدون على ضرورة استغلال السلطات العمومية لهذا الظرف الصعب من أجل إنعاش السياحة الداخلية التي تعيش وضعا مأساويا، وذلك من خلال اتخاذ قرارات شجاعة وتدابير عملية تنتهي بتشجيع المواطنين على السياحة داخل الوطن بأسعار معقولة ومدروسة، مضيفا بأن “الجزائر هي البلد الوحيد تقريبا الذي لا تتغير فيه أسعار الفنادق، من الفاتح جانفي وإلى غاية 31 ديسمبر”.

مسيرو بعض الوكالات السياحية بقسنطينة

انخفــــــــاض في عــــــدد المسجليــــــــن للعمـــــــــــرة

أقر عدد من مسيري وكالات الأسفار في قسنطينة، انخفاض عدد المقبلين على العمرة في هذه الفترة، حيث أرجعوا الأمور إلى تحليلات منطقية، حسبهم، فيما ذكر مسؤولون بالخطوط الجوية الجزائرية، أنه لا يوجد أي اختلاف مقارنة بالسنة الماضية.

ذكر بعض القائمين على تسيير وكالات السفر، أن هناك انخفاض في عدد المسجلين للالتحاق بالمملكة العربية السعودية من أجل تأدية مناسك العمرة في هذه الفترة، مرجعين الأمر إلى تزامن مناسبة المولد النبوي الشريف مع عطلة الشتاء، حيث كان المعتمرون في السنوات الماضية يسجلون لعمرة المولد ثم لعمرة أخرى في عطلة الشتاء، كما ذهب إليه ممثل عن وكالة السفر “نوبة”، الذي أضاف أن شهر فيفري هو الشهر الذي يرتقب فيه الناس نتائج القرعة الخاصة بالحج، لهذا تقل فيه طلبات العمرة، وستعاود الارتفاع مع عطلة الربيع.  من جهته، ذكر مسير وكالة نوميديا أنه لم يتم تسجيل أي انخفاض ملموس للمعتمرين مقارنة بالسنوات الماضية، وأن الرقم مرشح للارتفاع، خاصة وأن العديد من الوكالات تضع تخفيضات مغرية شهر فيفري المقبل، مرجعا الأمر إلى كيفية التسيير ونجاعته. وقال ذات المتحدث، إن إحصائيات سوق العمرة تشير إلى أن الشرق دائما في الصدارة. وعن ذات الإشكال، ذكرت المديرية التجارية لفرع الخطوط الجوية الجزائرية بقسنطينة لـ”الخبر” أنه لم يتم إلغاء أي رحلة خاصة بالمعتمرين، وأن الشركة سجلت منذ 16 ديسمبر المنصرم، 18 رحلة للمعتمرين بمعدل رحلتين في الأسبوع ممتلئة بنسبة 99 بالمائة، مؤكدة أنه وإلى غاية 14 جانفي الجاري سافر 4700 معتمر على متن رحلات الجوية الجزائرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى