رئيس الجمهورية: الأمن الغذائي رهان استراتيجي يتوجب علينا كسبه
أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن “بِلادَنَا جعلت مِنْ الأمْنِ الغِذَائي رِهَانًا إسْترَاتِيجِيًا، يَتَوَجَّبُ عَلَيْنَا كَسْبُه، في عَالَمٍ أصْبَحَ فِيهِ سِلَاحُ الغِذَاءِ أقْوَى الأسْلِحَةِ وَأَشَدِّهَا تَأْثِيرًا”.
وقال الرئيس تبون، لدى إشرافه على مراسم احياء الذكرى الـ50 لتأسيس الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، “تأتي هَذِهِ الاحْتِفَائِيَةُ بِالذِّكْرَى الخِمْسِينَ (50) لِتَأْسِيسِ الإتِّحَادِ الوَطني لِلْفَلاّحِينَ الجزائِرِيّينَ في أَجْوَاءِ إحْيَاءِ الذِّكْرَى السَّبْعِين (70) لانْدِلاعِ ثَوْرَةِ التَّحريرِ الـمَجِيدَةِ. وَهَذِهِ الـمُنَاسَبَةُ تُذَكِّرُنَا بمعاناة أرْيَافِنَا وَبَوَادِينَا، وَتَضْحِيَاتِ أهْلِهَا البُسَطَاء الشُّرَفَاء وَتُذَكِّرُنَا بِغِيـرَةِ الرِّجَالِ على الأرْضِ وَعَلَى شَرَفِ الجزائر ..وَهِيَ غِيـرَةٌ أصِيلَةٌ وَمُتَجَذِرَةٌ في بِلادِ الـمَجْدِ وَالخَيْـرِ والمقاومة..فَتَحِيَّةُ تَقْدِيرٍ لِكُلِ عُمَّالِ الأرض..وَتَحِيَّةُ عِرْفَانِ لِلْسَّوَاعِدِ الـمُبَارَكَة وَمَا تُنْتِجُهُ مِنْ خَيْـرَاتْ”.
ونوّه الرئيس بجهود الفلاحين قائلا، “لَقَدْ جَعَلَتْ بِلادَنَا مِنْ الأمْنِ الغِذَائي رِهَانًا إسْترَاتِيجِيًا، يَتَوَجَّبُ عَلَيْنَا كَسْبُه، في عَالَمٍ أصْبَحَ فِيهِ سِلَاحُ الغِذَاءِ أقْوَى الأسْلِحَةِ وَأَشَدِّهَا تَأْثِيرًا، وَمِنْ بَابِ الإنْصَافِ، في مُسْتَـهَلِّ هَذِهِ الكَلِمَة، أُنَوِّهَ في هَذِهِ الفُرْصَة بِجُهُودِ الفَلاّحِينَ .. فَلَقَدْ أبْدَوْا في الظُّرُوفِ الإسْتِثْنَائِيَّةِ خِلالَ الأزْمَةِ الصِّحِيَّةِ (جَائِحَةِ كُورُونَا) حِسًّا وَطَنِيًا، وَإدْرَاكًا عَالِيًا لِطَبِيعَةِ التَّحَدِّي، فَعَمَلُوا بِكُلِّ حِرْصٍ عَلى تَوْفِيرِ الـمُنْتَجَات الزِّرَاعِيَّة في الوَقْتِ الَّذي كَانَ فِيهِ العَالَمُ يُعَاني شَلَلًا غَيْـرَ مَسْبُوقٍ، أدَّى إلى شُحٍّ خَطِيرٍ في الـمَوَادِ الغذائية الأسَاسِيَةِ ..ولقد رَفَعُوا التَّحَدِّي بِمُسَاعَدَة مِنَ الدَّوْلَةِ لجهودهم، ومرافقتها لِلإنتاج أوفر، وَالـمُسْتَثْمِرين، وَالفَاعِلِينَ في القِطَاعِ، الَّذِينَ يُؤْمِنُون بِقُدُرَاتِ البِلاد .. وَبِضَرُورَةِ الوُصُولِ إلى الأهْدَافِ الوَطَنِيَة الَّتي سَطَّرْنَاهَا معًا لِتَأْمِينِ بِلادِنَا، وَتَكْرِيسِ مَفْهُومِ الأمْنِ الغِذَائِي الـمُسْتَدَام رَكِيـزَةً مِنْ رَكائِزِ أمْنِنَا القَوْمِي.
وعَلَى هَذَا الأسَاسْ، وَلِتَطْوِيرِ القِطَاع، يضيف الرئيس تبون، “أَكَّدْتُ مِرَارًا عَلَى البُعْدِ الإسْترَاتِيجي الَّذي يَكْتَسِيه التَّوَجُّهِ نَحْوَ العَصْرَنَةِ، وَتَسْخِيرِ التَّقْنِيَاتِ الحَدِيثَةِ، لِلْنُّـهُوضِ بِالفِلاحَةِ وَعَالَـِم الرِّيفِ.. وَتَطْوِيرِ إمْكَانِيَاتِ البِلادِ الزِّرَاعِيَّةِ الهَائِلَة، وَالرَّفْعِ مِنْ مُسْتَوَيَاتِ الإنْتَاج، لأنَّنَا نُؤْمِنُ بِحَتْمِيَةِ التَّمْكِينِ التَّدْرِيجي لِبَدَائِلَ مُسْتَدَامَةٍ وَمَضْمُونَةٍ، تَكْفُلُ لِلْجَزائِرِ التَّخْفِيفَ مِنَ التَّبَعِيَّةِ لِلْرِيْعِ البِتْرُولي.
وعدّد رئيس الجمهورية أهم القرارات والاجراءات المتخذة في هذا الخصوص، بالقول وَتُتِيحُ لي هَذِهِ الـسَّانِحَةُ – اليَوْمَ – أنْ أُذَكِّرَ بِالقَرَارَاتِ وَالإجْرَاءَاتِ الَّتي إتَخَذْنَاهَا، وَ نُتَابِعُ بِاسْتِمْرَار تَجْسِيدَهَا في الـمَيْدَانِ .. وَمِنْـها عَلَى سَبِيلِ الـمِثَالِ:
– رَفْعُ مُسْتَوَى دَعْمِ بَعْضِ المواد الأسَاسِيَّةِ على غِرَارِ رَفْعِ سِعْرِ شِرَاءِ الحُبُوبِ وَالبُقُولِ الجَافَّةِ مِنَ الفَلاّحِينَ،
– رَفْعُ نِسْبَةِ دَعْمِ الأسْمِدَةِ إلى 50 بِالـمَائَةِ مِنْ سِعْرِهَا المرجعي لِلْتّخْفِيفِ من آثار ارتفاع أسْعَارِهَا في الأسْوَاقِ الدَّوْلِيَّةِ ..
– رَبْطُ عَشَرَاتِ الآلافِ مِنْ المستثمرات والمحيطات الفِلاحِيَّةِ بِالطَّاقَةِ الكَهْرَبَائِيَّةِ.
وَلَقَدْ كَانَتْ غَايَتُنَا مِنْ اتّخَاذِ تِلْكَ القَرَارَاتِ وَالاجْرَاءَاتِ هي مُرَافَقَةُ وَدَعْمُ الفَلاّحِين، وَإفْسَاحُ الـمَجَالِ أمَامَ الجيل الجَدِيدِ مِنَ الـمُهَندِسِينَ الفِلاحِيِّينَ عن طَرِيقِ الـمُؤَسَّسَاتِ الصَّغِيرَةِ وَالنَّاشِئَةِ، الَّذينَ نُعَوِّلُ عَلَيْـهِم لإحْدَاثِ النَقْلَة نَحْوَ عَصْرَنَةِ عَالَمِ الفِلاحَةِ، وَتَحْقِيقِ الاكتفاء الذَّاتِيِّ في الـمَحَاصِيلِ الاستراتيجية على الـمَدَى القَرِيبِ، خَاصَةً القَمْحَ الصَّلْبَ، وَالذُّرَةَ الصَّفْرَاءَ وَالشَّعِيرَ، وَأَوَدُّ بِـهَذِهِ الـمُنَاسَبَةِ أنْ أُعْرِبَ عَنْ الارتياح لِلْوَعْيِ الوَاسِعِ بِـهَذِهِ التَّحَدِّيَاتِ فـي أوْسَاطِ القِطَاعِ وَلَدَى مختلف النُّشَطَاءَ فيه، يضيف رئيس الجمهورية.
وشدّد الرئيس تبون، على أهَمِيَّةِ شُعْبَةِ الحُبُوبِ في استرَاتِيجِيَّتِنَا الزِّرَاعِيَةِ، نَظَرًا لِـمُسْتَوَى اسْتِـهْلاكِنَا الكَبِيـرِ مِنْ هَذِهِ الـمَادَّةِ، وَعَدَمِ اسْتِقْرَارِ السُّوقِ العَالَـمِيَّةِ، مجددا بِهَذَا الصَدَّد التَّوجِيـهًات لِلْعَمَل على الرَّفْعِ مِنْ طَاقَاتِ التَّخْزِينِ وَتَجْسِيدِ البرْنَامَج الـمُسَطَّر بِهَذَا الشَّأْن.
وذكّر بِاسْتِصْلاحِ مِسَاحَة مليُون هِكْتَار عَنْ طَرِيقِ السَّقْي، لا سِيَمَا في جَنُوبِنَا مِنْ هُنَا إلى آفَاقِ 2027، مشيرا إلى أن الهدف مِنْ ذَلِكَ تَوْسِيعُ مِسَاحَاتِ إنْتَاجِ الزِّرَاعَاتِ الاسترَاتِيجِيَّةِ، مِثْلَ القَمْح الصُّلْبَ، وَالذُّرةَ الصَّفْرَاءَ وَالنَّبَاتَاتِ الزَّيْتِيَةِ. وَالـمَجَالُ مَفْتُوحٌ أمَامَ الـمُسْتَثْمِرينَ الوَطَنِيِّينَ وَالأجَانِبَ لِلْانْخِرَاطِ في هَذَا الـمَسْعَى، وَالاسْتِفَادَةِ مِنْ التَّسْهِيلاتِ لِتَجْسِيدِ مَشَارِيعِهِم.
وشدّد رئيس الجمهورية على الرَّقْمَنَةِ وَأهَمِيَّةِ البَيَانَات والإحْصَاءَاتِ الدَّقِيقَةِ، كَأَحَدِ الرَّكَائِزِ الأسَاسِيَّةِ لِرَسْمِ السِّيَاسَاتِ التَّنْمَوِيَّةِ، وَلِهَذَا الغَرَضْ، يضيف الرئيس، ” أمَرْتُ بإجْرَاءِ الإحْصَاءِ العَامِّ لِلْفِلاحَةِ الثَّالِثِ في تَارِيخِ القِطَاعِ، وَنَحْنُ في انْتِظَارِ النَّتَائِجَ الأوَّلِيَّةَ الَّتي سَتُفْضِي إلى رِبْحِ الوَقْتِ وَالجُهْدِ لِتَجْسِيدِ رُؤْيَتِنَا الرامية إلى تَرْقِيَةِ القِطَاعِ الفِلاحِيِّ، وَرَصْدِ الإمْكَانِيَاتِ مِنْ أجْل تَحْقِيقِ أقْصَى مَا يُمْكِنُ مِنْ الإسْتِقْلالِيَّةِ”.
وأعرب رئيس الجمهورية عن يقينه بأنّ الفلاحين قَادِرُونَ على الوُصُولِ في الآجَالِ القَرِيبَةِ إلى النَتَائِج الـمُتَوَخَّاة فيمَا يَخُصُّ الإكْتِفَاءَ الذَّاتِي، وَالأمْن الغِذَائي، داعيا في هَذِهِ الذِّكْرَى الخَمْسِينَ للإتِّحَادِ الوَطنِي للفَلاّحِين الجزائِريّين العتيد، مع المُربين وَالـمُوَّالِيـنَ وجميع الفاعلين إلى التَجْنِيدِ أكْثَـرَ في الـمَيْدَانِ، لأنَّنِي عَلى قَنَاعَة بِارْتِبَاطِهِم بِأرْضِنَا الطاهرة المعطاءة وبوعيهم بِالتَّحَدِّيَاتِ الَّتي تَنْتَظِرُنَا.
وختم الرئيس بالقول، “وَأَشُدُّ على أيْدِي شَبَابِنَا الطَّمُوح الَّذي يَتَوَجَّهُ إلى الاسْتِثَمَار في الـمَجَالِ الفِلاحِي بِـمُخْتَلَفِ فُرُوعِهِ، وَنُعَوِّلُ عَلَيْهِ بـِمَا يَمْتَلِكُ مِنْ العُنْفُوَان وَالكَفَاءَةِ وَالتَّخَصُصِ في عُلُومِ الزِّرَاعَةِ وَتَقْنِيَاتِهَا لإحْدَاثِ نَهْضَةٍ زِرَاعِيَّةٍ وَاسِعَةٍ، تَعْكِسُ قُدُرَاتِ وَإمكانِيَاتِ الجزائر الَّتي حَبَاهَا اللهُ بِـمُقَوِمَات البَلَدِ الوَاعِد الصَّاعِد