تبون وبوشوارب ضمن 20 شخصا حصلوا على “ماستر كارد” من خليفة
المبالغ التي انفقت في سفريات للخارج تفوق ربع مليون دولار
تثبت وثيقة موجودة على مستوى التحقيق بالمحكمة العليا، تخص ملف خليفة، أن 20 شخصا استفادوا من مبالغ كبيرة بالدولار بواسطة بطاقة إئتمان “ماستر كارد”، حصلوا عليها كهدية من عبد المؤمن رفيق خليفة لإنفاق ما توفرهمن أموال في سفرياتهم إلى الخارج.
وتتضمن قائمة الأشخاص، التي أعدَها منصف بادسي مصفي بنك الخليفة، إسمي عضوين في الحكومة الحالية ووزير سابق وابن ضابط كبير في الجيش ومسؤول بارز سابقا في رئاسة الجمهورية.
و يوجد على رأس هؤلاء الاشخاص، كما توضحه الوثيقة، مراد العماري إبن الفريق الراحل محمد العماري رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي سابقا، الذي سحب “الهدية الثمينة” التي صبَ له فيها خليفة مبلغ 250 ألف دولار.
ويشير بادسي في الوثيقة بأن المعني لم يسدَد المبلغ. ويقول المصدر صاحب الوثيقة، أن وزير العدل الطيَب لوح حصل على نسخة منها بناء على طلبه للإطلاع عليها، وقد تم استخراجها من ملف “خليفة سويفت” للتحويلات المالية إلى الخارج.
واستفاد وزير الصناعة والمناجم الحالي عبد السلام بوشوارب ما يقارب من 40 ألف دولار، ولم يدفع المبلغ للمصفي عندما كان بصدد استرجاع أموال بنك الخليفة المنهوبة.
وأخذ وزير السكن الحالي عبد المجيد تبَون حوالي 34 ألف دولار، ولم يدفع هو الآخر المبلغ للمصفي. وعلى خلاف كل المنتفعين من هدية الخليفة، حصل سفير الجزائر بإيطاليا المنتهية مهامه في الحركة التي جرت الأسبوع الماضي في السلك الدبلوماسي، وهو مدير التشريفات بالرئاسة سابقا، رشيد معريف على بطاقتين.
واحدة تتضمن أكثر من 19 ألف دولار بقي أن يسدد منها حوالي 3700 دولار، والثانية فيها أكثر من 39 ألف دولار ومطلوب أن يسدد 12 ألف دولار منها.
ويوجد في القائمة وزير الاتصال ومدير عام التلفزيون العمومي وسفير الجزائر برومانيا سابقا، حمراوي حبيب شوقي الذي سحب “ماستر كارد” وفيها مبلغ 514 دولار، ولم يسدَده هو أيضا للمصفي.
وتتضمن أيضا اسم امين عام الاتحاد العام للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي السعيد، ومدير عام الأمن الوطني المقتول العقيد علي تونسي وعبد المالك ساسي مدير التعاون بوزارة الدفاع الوطني سابقا.
والثلاثة لم يسحبوا بطاقاتهم رغم أن خليفة جهزها لهم. وخلت بطاقتي سيدي السعيد وتونسي من أي مبلغ، ما يدعو الى الاعتقاد أن خليفة كان يصب المال في البطاقات بناء على طلب الأشخاص الواردة أسماؤهم في القائمة.
وأغدق مالك الامبراطورية على نفسه وأقاربه وممثلين فرنسيين معروفين، من الودائع التي وضعها الأشخاص والمؤسسات في بنكه. ويبرز من بينهم خاله غازي كباش (36 ألف دولار) و جمال قليمي ذراعه الأيمن الذي يقضي عقوبة السجن حاليا (حوالي 24 ألف دولار).
إضافة إلى اسماعيل كريم نائب رئيس مجموعة الخليفة الهارب من القضاء ، وسكينة طايبي مدير عام خليفة إيرويز سابقا، هاربة من القضاء أيضا (أكثر من 11 ألف دولار).
وتتضمن القائمة الممثلين السينمائيين الفرنسيين الشهيرين جيرار ديبارديو وكارول بوكي، اللذين لم يسحبا بطاقتيهما.
ويشير منصف بادسي في الوثيقة بأن لا أحد من الأشخاص الـ20 يملك حسابا بالعملة الصعبة في بنك الخليفة، كما لم يقدم أي واحد منهم ملف طلب الاستفادة من “ماستر كارد”.
وبالعودة إلى وقائع ملف الخليفة، لفهم سرَ المزايا الممنوحة لطائفة من الأشخاص في الدولة، تجدر الإشارة إلى أن ثغرة مالية قدرها 320 مليار سنتيم تم اكتشافها في الخزينة الرئيسية للبنك في الشراقة بأعالي العاصمة في نوفمبر 2003. وعلى هذا الأساس عيَن البنك المركزي محمد جلاب (وزير المالية الحالي) متصَرفا على البنك المنهار. بعدها عيَنت اللجنة المصرفية بالبنك المركزي منصف بادسي كمصفي للبنك (2004)، ومعه قاضيان من المحكمة العليا وأعضاء من البنك المركزي.
وقد أفضى تكليف بادسي بالتصفية إلى فتح تحقيق بمحكمة الشراقة، تعلق بمصير أموال الخزينة الرئيسية للبنك. وبناء عليه تمت متابعة 104 أشخاص أبرزهم رفيق خليفة الذي أدانه القضاء بالسجن مدى الحياة، وكان حينها هاربا وتم ترحيله من بريطانيا العام الماضي.
غير أن هذا الملف الذي خاض فيه القضاء، استثني منه المستفيدون من “ماستر كارد” لأن أغلبهم أشخاص نافذين.
ويقفز، بعد الاطلاع على التفاصيل الواردة في القائمة، السؤال الآتي: ما الذي دفع خليفة إلى منح بطاقة إئتمان إلى تبون الذي كان عضوا في الحكومة من 1999 إلى 2002؟ (وزيرا للاتصال ثم وزيرا منتدبا للجماعات المحلية ثم وزيرا للسكن).
وهل لذلك علاقة بإيداع دوواين الترقية العقارية، الخاضعة لوزير السكن، أموالها في بنك الخليفة؟. المؤكد في هذه القصة أن خليفة استهدف منصب وزير السكن بواسطة “ماستر كارد”، للتقرَب منه لغرض معيَن.
وما يصدق على تبَون يصدق على عبد السلام بوشوارب. فقيادي الأرندي مالك مؤسسة لإنتاج رقائق البطاطس، كان وزيرا مرتين. الاولى كانت في عهد حكومة أحمد أويحي الاولى بصفته وزيرا للصناعة (سبتمبر 1996- جوان 1997).
والثانية في حكومة علي بن فليس بصفته وزيرا منتدبا للتشغيل (نوفمبر 2001- ماي 2002). وقد أسقطت الإدارة في تشريعيات 2012 اسمه من قائمة الارندي بالعاصمة بسبب شبهة الفساد في ملف خليفة، لكنه تمكَن من فرض ترشحه بقرار قضائي.
واكثر ما يعرف عن بوشوارب قربه الشديد من اويحي وما يمثلَه من عصب في النظام ينتمي إليها، وخليفة على دراية بشبكة علاقات وولاءات بوشوارب في الدولة لهذا السبب أراد التقرَب منه بمنحه اموال البنك. نفس الشيء بالنسبة لمعريف الذي لم يكن ليستفيد من “عطاء” خليفة لو لم تكن شبكة علاقاته في النظام واسعة تهمَ خليفة .
وفيما يخص حبيب شوقي فمن المرجح أن منصبه كمدير عام للتلفزيون (1998- 2008)، هو ما دفع خليفة إلى إهدائه بطاقة إئتمان، ولأهداف تبدو غير واضحة.
أما مراد العماري، فمن المؤكد أن خليفة ما كان ليهتم به لو لم يكن والده قائدا لأركان الجيش (1994-2004) .
ويتضح أن مراد كانت لديه شراهة كبيرة في الانفاق (250 ألف دولار !).
فهل كان هدف خليفة التأثير على الوالد، وما يمثله من وزن في المؤسسة العسكرية، عن طريق ابنه؟.
وهل كان العماري على دراية بعلاقة ابنه بالخليفة؟.
وهل كان خليفة يريد “شراء” علي تونسي وسيدي السعيد بمحاولة إهدائهم اموال البنك؟ ولأي غرض؟.
وما مراده من منح “ماستر كارد” لمدير مركزي في وزارة الدفاع؟.
وما يثير الاستغراب بعد الإطلاع على حجم الفساد الذي تكشف عنه الوثيقة، هو أن الرئيس بوتفليقة أعاد تبَون وبوشوارب إلى الطاقم الحكومي، واوفد شوقي ليمثَل الجزائر في بلد أجنبي.
فهل يعقل أن بادسي يعلم بتورط وزيرين في تبديد اموال بنك الخليفة، ولا يعلم لا بوتفليقة ولا سلال بذلك؟ .
جدير بالذكر أن الوثيقة تحمل رقم 4 و هي عبارة عن ملحق في ملق كبير، ويشير بادسي في اعلاها إلى أن الاشخاص الـ20، هم جزء من قائمة أسماء طويلة.