العالم يرتدي ثوب الحداد على فقدان نيلسون مانديلا و ثناء على شخصه خصالا و نضالا
عاش العالم امس الجمعة على وقع نبأ وفاة زعيم النضال ضد العنصرية نيلسون مانديلا الذي ألهم أجيالا بخصاله ومبادئه في حين توالت الشهادات في شخص الفقيد “أيقونة التحرر الإفريقي” على أمل أن يكون قدوة للأجيال في إفريقيا والعالم أجمع.
وإثر هذا المصاب الجلل قرر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تنكيس العلم الوطني عبر كامل التراب الوطني لمدة ثمانية أيام ابتداء من اليوم الجمعة تخليدا لذكرى و روح هذه الشخصية الافريقية المرموقة والصديق الوفي للجزائر.
كما بعث الرئيس ببرقية تعزية إلى جنوب إفريقيا رئيسا و شعبا أشاد من خلالها بشخصية الفقيد الذي يجسد “النضال الطويل من اجل الحرية و الكرامة” مؤكدا أن “ماديبا سيخلد إلى الأبد في الذاكرة الإفريقية من حيث انه حقق المصالحة بين أبناء جنوب إفريقيا و ترك بصمته في سجل حركة انعتاق إفريقيا الذهبي“.
من جانبه أكد وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة ان”عمل مانديلا يدل بانه عندما يعمل الافارقة معا و يبذلون تضحيات معا لا يمكنهم الا تحقيق انتصارات”مذكرا في ذات السياق ان”مانديلا تلقى تكوينا عسكريا اوليا على يد جيش التحرير الوطني قبل ان يتزعم مقاومة المؤتمرالوطني الافريقي المناهض لنظام الابارتييد و قبل ان يعتقل و يسجن لمدة 27 سنة“.
كما نكست أعلام الدول الاعضاء في الإتحاد الإفريقي على مقر المنظمة الافريقية في أديس أبابا باثيوبيا وذلك لمدة ثلاثة أيام إعتبارا من اليوم كما قرر تنظيم حفل تأبيني خاص يوم الأحد تكريما وإحياء لذكرى الراحل “أيقونة التحرر الافريقي“.
وكان رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما قد أعلن وفاة رئيس البلاد الأسبق مانديلا وقال إنه توفي أمس الخميس بمنزله في جوهانسبرغ معلنا جنازة رسمية له وتنكيس الأعلام في البلاد.
يشار إلى ان مانديلا سيدفن في مقابر أجداده بقرية كونو بإقليم الكاب الشرقي في 15 ديسمبر الجاري حيث ستستمر مراسم التأبين أسبوعا كاملا ستتضمن إقامة قداس في الهواء الطلق في العاشر من الشهر الجاري بملعب كرة القدم بجوهانسبرغ الذي شهد مباراة نهائي كأس العالم لعام 2010 بينما سيسجى جثمان الفقيد في مقر الرئاسة في بريتوريا من 11 إلى 13 من ديسمبر.
== دول العالم تنعى مانديلا و تثنى على شخصه خصالا و نضالا ==
وعلى غرار العديد من الدول العربية أعلنت السلطات المصرية حالة الحداد العام في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أيام حدادا على وفاة الزعيم مانديلا كما أصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أوامر بتنكيس الأعلام وأعلن الحداد ليوم واحد في الأراضي الفلسطينية على رمز التحرر ضد العنصرية و الإضطهاد معتبرا أن مانديلا كان من أشجع وأهم رجال العالم الذين وقفوا مع الشعب الفلسطيني.
ومن دمشق نعت الرئاسة السورية الزعيم الجنوب إفريقي واصفة إياه ب “المناضل الرائد” لكفاح البشرية بأسمى معانيه من أجل الحرية والعدالة والمساواة مؤكدة ان الرجل “سيبقى دائما مانديلا لأهله ولشعب جمهورية جنوب افريقيا ولكل المناضلين في العالم رمزا للصبروالصمود والتحرر“.
من جانبها أعلنت إيران أنها تشارك الجنوب إفريقيين حدادهم بعد رحيل مانديلا. بينما قال وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف عن مانديلا انه “كان ثوريا من أجل الحرية وهزم الطغيان والعنصرية والفصل العنصري“.
وفي البرازيل عبرت الرئيسة ديلما روسيف عن حزنها لوفاة مانديلا “المثل الذي سيقود كل الذين يناضلون من أجل العدالة الاجتماعية والسلام في العالم“.
وكانت دول أخرى على غرار الولايات المتحدة وبريطانيا و روسيا و الصين و فرنسا و كندا و استراليا و البرازيل و المانيا قد أعربت عن عميق حزنها لوفاة مانديلا “القدوة” و “الزعيم الاخلاقي” مشيدين بميراثه السياسي المتمثل في اللاعنف والتنديد بكافة أشكال العنصرية.
==إجماع دولي على دور الرجل في الرقي بالمبادئ الإنسانية العالمية ==
وأجمع العديد من القادة السياسيين في العالم على الصفات الإنسانية للمناضل ومبادئه الراقية المناهضة لكل أشكال الظلم و الإستغلال و الإستعمار وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وفي ذات السياق قال الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ان الوطن العربي وفي صدارته الشعب الفلسطيني لن ينسى ابدا مواقف “مانديلا” الثابتة والمبدئية في نصرة نضال هذا الشعب لنيل حقوقه والتحرر من الاستعمار وسياسات الفصل العنصري التي يرزح تحتها والتي تجلت في عبارته الشهيرة بأن “حريتنا ستظل منقوصة طالما لم يتحرر الشعب الفلسطيني” لتؤكد ان “نيلسون مانديلا” لم يكن زعيما من زعماء بلاده فحسب بل رمزا من رموز نضال الانسان لنيل حريته وكرامته على مر العصور.
كما عبر أعضاء مجلس الأمن الدولي عن “تقديرهم الشديد للصفات الأخلاقية والسياسية الاستثنائية” للراحل “الذي سيبقى على الدوام في الذاكرة كشخص ضحى بقسم كبير من حياته من أجل أن يتمكن الملايين من أن يحظوا بمستقبل أفضل“.
وبدوره سجل رئيس الاتحاد البرلماني الدولي عبد الواحد الراضي شهادته في شخصية مانديلا قائلا أن “الرجل يبقى مصدر إلهام لا ينضب حول طريقة ممارسة السياسة بشكل مغاير” موضحا إن “التوجه الإنساني العميق لمناديلا الذي جعل السياسة سبيلا للمنفعة العامة وليس لتحقيق مصالح الأشخاص حيث الميولات الطائفية تظهر أنه بالإمكان ممارسة السياسة بشكل مغاير لما نرغب فيه“.
وكانت هيئة الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي قد أعربا عن عن الحزن الشديد على رحيل مانديلا واصفا إياه “بالعملاق في عمله من أجل العدالة ومصدر إلهام إنساني متواضع“.
من جهته قال فريدريك دي كليرك آخر رئيس أبيض لجنوب أفريقيا في مقابلة مع محطة تلفزيون (سي أن أن) التلفزيونية الأميركية أن أكبر إنجازات مانديلا كان توحيد جنوب أفريقيا والسعي إلى المصالحة بين السود والبيض في عهد ما بعد سياسات العزل العنصري.
أما الزعيم التاريخي لحركة تضامن البولندية ليش فاليسا فقد وصف مانديلا بأنه “رمز للنضال ضد الفصل العنصري والعنصرية”.في حين قال أسطورة كرة القدم البرازيلي بيلي “فقدت بطلي وصديقي ورفيقي في النضال من أجل قضية الشعوب ومن أجل السلام في العالم“.