الجزائر، بكل فخر واحترافية اختتمت، عهدتها على رأس مجلس الحبوب الدولي (IGC) خلال فعاليات الدورة الـ62 التي انعقدت في حي المال والاعمال بالعاصمة البريطانية لندن، لتسلم المشعل إلى أستراليا كرئيس جديد للمجلس للسنة القادمة، فيما تولت اليابان منصب نائب الرئيس، في مشهد يعكس توازنا دوليا يعزز التنوع والشراكة داخل الهيئة الدولية المكلفة بتأطير تجارة الحبوب في العالم.
وقد شهد الاجتماع نقاشات معمقة حول التحديات الكبرى التي تواجه الأمن الغذائي العالمي، حيث تركزت الجلسات على تطوير الشفافية في تجارة 22 نوعا من الحبوب، مع مراجعة المخطط الخماسي لعمل المجلس الذي بني أساسا على مقترحات تقدمت بها الجزائر خلال رئاستها، خاصة في ما يتعلق برقمنة التجارة، وتحديث الأطر القانونية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مراقبة الأسواق وربط الموانئ الدولية لرفع كفاءة سلاسل التوريد.
وفي كلمته الختامية، قدم السيد أسامة حامد صالحي، رئيس الدورة الجزائرية، عرضا محوريا لإنجازات الرئاسة الجزائرية، التي شملت تطوير أداة رقمية لمراقبة حركة الحبوب العالمية ومؤشرات الأمن الغذائي، بالشراكة مع الديوان الجزائري المهني للحبوب. وقد تم اعتماد هذه الأداة من قبل الجزائر وعدة دول أخرى، بينها كينيا، كآلية دعم لاتخاذ القرار في سياقات اقتصادية وتقلبات سوقية دقيقة.
كما نظمت الجزائر، خلال عهدتها، ندوات دولية رفيعة المستوى حول الذكاء الاصطناعي، والتغيرات المناخية، ودورها في استباق الأزمات الفلاحية، ما رسخ صورتها كفاعل استراتيجي في صياغة النقاشات الدولية الكبرى.
وتقديرًا لهذا الدور الريادي، حيّا أعضاء المجلس الديناميكية الجزائرية، مؤكدين أن رئاسة الجزائر "لم تكن رمزية، بل حملت مضمونا تحوليا عميقا، ساهم في تحديث آليات العمل بالمجلس الدولي للحبوب".
وبينما تبدأ أستراليا مسارها على رأس المجلس، تبقى التجربة الجزائرية علامة فارقة في مسار التعاون الدولي في مجال الغذاء، ورسالة واضحة على قدرة الجزائر في بناء تحالفات ذكية، واقتراح حلول واقعية لمعضلات العالم الغذائية.