وجهت الجزائر، من قلب أديس أبابا، رسالة دبلوماسية قوية تؤكد ريادتها الإقليمية والتزامها الثابت بالقضايا العادلة في القارة، وذلك من خلال الدورة الخامسة للجنة المشتركة الجزائرية-الإثيوبية التي ترأسها مناصفة وزير الشؤون الخارجية السيد أحمد عطاف ونظيره الإثيوبي السيد جيديون تيموثيوس.
هذا اللقاء رفيع المستوى أعاد إلى الواجهة مسألة تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، وجدد دعم البلدين لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وفق قرارات الشرعية الدولية.
البيان المشترك الصادر عقب أشغال اللجنة أكد التزام الجزائر وإثيوبيا التام بمختلف قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، خاصة تلك المتعلقة باستكمال مسار تصفية الاستعمار بصفة عامة، وبحق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير على وجه الخصوص.
كما أعرب الطرفان عن تمسكهما بالمركز القانوني للإقليم، في موقف يعكس تجذر الرؤية المشتركة حيال واحدة من أقدم قضايا التحرر في القارة.
ولم يقتصر اللقاء على الملفات السياسية، بل شكل منبرا لتقوية العلاقات الثنائية بين الجزائر وإثيوبيا، وتعزيز التنسيق في المحافل الإقليمية والدولية. فقد تم التأكيد على ضرورة استمرار التشاور بين البلدين في القضايا الحيوية التي تهم إفريقيا، ضمن رؤية مشتركة تتقاطع عند قيم السلم، العدالة، والحرية.
أما على المستوى الثنائي، فقد توجت أعمال اللجنة بتوقيع 13 اتفاقية تعاون تغطي مجالات استراتيجية تشمل الصناعة الصيدلانية، الفلاحة، الطاقة، المناجم، المؤسسات الناشئة، الفضاء، التعليم العالي، الثقافة، والرياضة.
جاء هذا الزخم الدبلوماسي والقانوني ليعكس إرادة سياسية واضحة لترجمة الشراكة السياسية إلى مشاريع تنموية ملموسة، بما يخدم مصالح الشعبين ويعزز التكامل بين شمال وجنوب القارة.
الجزائر، التي لطالما كانت صوتا داعما لحركات التحرر وقضايا العدالة في إفريقيا، تثبّت من جديد مكانتها كفاعل محوري لا يكتفي بتشخيص الأزمات، بل يعمل فعليا على بناء التوافقات وتوسيع دوائر الشراكة. وبالتنسيق مع إثيوبيا، أحد أبرز أقطاب شرق القارة، تواصل الجزائر صياغة أدوارها الاستراتيجية في إفريقيا الجديدة، حيث تتقاطع المصالح مع المبادئ، وتبنى العلاقات على الاحترام المتبادل والانتماء المشترك.