تحول حي هادئ في بلدية ماجني-لي-هامو، شمال غرب باريس، إلى مسرح بطولة إنسانية نادرة، بعدما خطف شاب جزائري يدعى رشيد أنظار الإعلام الفرنسي بتدخل شجاع أنقذ أما وأطفالها من موت محقق إثر انفجار وحريق دمر منزلهم بالكامل.
الحادث وقع صباح الثلاثاء الماضي، عندما دوى انفجار عنيف داخل منزل سكني، أعقبه اندلاع ألسنة اللهب وكثافة الدخان، ما أدى إلى محاصرة سيدة ثلاثينية وأطفالها الثلاثة، الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وخمس سنوات، داخل الطابق العلوي.
وفي قلب هذه اللحظات الحرجة، برز اسم رشيد، الجار الجزائري الذي لم يتردد لحظة واحدة. فبعد سماعه دويّ الانفجار، اندفع مباشرة نحو المنزل المشتعل، متحديا الخطر، في سباق مع الزمن لإنقاذ الأرواح.
في البداية، تمكن رشيد بمساعدة بعض السكان من إخراج طفلين من وسط الدخان، غير أن الطفل الأصغر، البالغ من العمر عامين، بقي عالقا وسط النيران. الأم المصابة رفضت مغادرة المكان دون طفلها، وهنا اتخذ رشيد قرارا حاسما، إذ عاد مجددا إلى الداخل، مستخدما مطفأة حريق لفتح ممر وسط اللهب، قبل أن ينجح في إنقاذ الطفل الثالث قبل لحظات من انهيار المبنى بالكامل.
الأسرة نقلت إلى المستشفى في حالة حرجة لكنها مستقرة، فيما باشرت الشرطة الفرنسية تحقيقا لتحديد أسباب الانفجار، وسط إشادة واسعة من السلطات والسكان المحليين.
وسرعان ما تصدر اسم رشيد عناوين وسائل إعلام فرنسية كبرى، من بينها TF1 وRTL، التي وصفته بـ”البطل”، فيما اعتبره جيرانه نموذجًا للشجاعة والتضحية، مطالبين بتكريمه رسميا.
هذه الواقعة أعادت إلى الواجهة صورة الشجاعة الجزائرية التي تتكرر في مختلف العواصم الأوروبية، في مشاهد متشابهة تعكس قيم التضامن والإنسانية. وهي شجاعة سبق أن جسدها قبل أسابيع سمير زيتوني، الجزائري المقيم في بريطانيا، الذي أنقذ ركاب قطار من هجوم دموي، ونال لاحقا إشادة رسمية من الملك تشارلز الثالث في قصر باكنغهام.
من باريس إلى لندن، تتكرر القصص، وتختلف الأسماء، لكن القيم واحدة: جزائريون يواجهون الخطر دون تردد، ويتركون بصمة إنسانية تتجاوز الجنسيات والحدود، وتؤكد أن الشجاعة ليست حدثا عابرا، بل ثقافة متجذرة.







