الوزير عطاف يكشف ملامح المنعطف الأخير لعضوية الجزائر في مجلس الأمن

الوزير عطاف يكشف ملامح المنعطف الأخير لعضوية الجزائر في مجلس الأمن
جاري تحويل الكتابة إلى نص ..

كشف وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف، خلال لقائه الدوري مع الأسرة الإعلامية الوطنية والدولية، أن الجزائر تدخل المرحلة الأخيرة من عهدتها في مجلس الأمن بثبات على نهج الوفاء لمبادئها التاريخية وهويتها الدبلوماسية، وبمسؤولية تعكس الثقة التي اكتسبتها منذ بداية هذه العضوية.

وأكد أن الجزائر تتأهب لتسليم المشعل للدول العربية والإفريقية التي ستلتحق بالمجلس مطلع العام المقبل، دون أن تحيد عن مسارها القائم على الدفاع عن القضايا العادلة، وعلى رأسها فلسطين والصحراء الغربية والساحل.

وفي هذا السياق، شدد الوزير على أن الملفات ذات الأولوية بالنسبة للدبلوماسية الجزائرية شهدت تطورات كبيرة خلال الأسابيع الماضية، خاصة القضية الفلسطينية التي كانت محورا رئيسيا داخل مجلس الأمن.

وبالمناسبة، أوضح أن تصويت الجزائر لصالح القرار الأممي الجديد المتعلق بالأوضاع في غزة جاء استنادا إلى اعتبارات موضوعية تتعلق بالأولويات الإنسانية العاجلة بعد العدوان، وبالخلفية العربية التي دفعت نحو تقديم "خطة السلام في غزة" إلى مجلس الأمن، إضافة إلى التوافق الفلسطيني والعربي والإسلامي الداعم لاعتماد القرار.

وأكد الوزير عطاف أن الجزائر تمكنت من إدراج تعديل محوري يربط القرار بفتح أفق سياسي يضمن الوصول إلى حل عادل ودائم يمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة.

وفي خطوة تعكس التزام الجزائر بمقاربتها المتوازنة، أوضح عطاف أن القرار الأممي رغم نقائصه لا يمس بثوابت الحل النهائي للقضية الفلسطينية، بل يشدد على وقف إطلاق النار، ورفض أي مبررات لاستئناف العدوان على غزة، ويدعو إلى رفع القيود عن الإغاثة الإنسانية، ويؤسس لأول مرة لنشر قوة دولية لحفظ الاستقرار، وهي مكاسب وصفها الوزير بأنها "تطورات بالغة الأهمية في مسار حماية الشعب الفلسطيني".

وانتقل الوزير بعد ذلك إلى ملف الصحراء الغربية، حيث أكد أن اعتماد القرار رقم 2797 المتعلق بتجديد ولاية بعثة "المينورسو" يدحض كل الادعاءات حول طي الملف، مشددا على أن مجلس الأمن لم يعترف بالأطروحات المغربية ولم يقر سيادة المغرب المزعومة على الإقليم.

وأضاف أن القرار حافظ على جميع ثوابت الحل العادل، وفي مقدمتها التفاوض المباشر بين طرفي النزاع، وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، كما أتاح للمرة الأولى مساحة متساوية لجبهة البوليساريو لتقديم مقترحاتها داخل مسار المفاوضات.

وفي فقرة وضعها الوزير في صميم كلمته، قال إن الحفاظ على ثوابت الحل الأممي تزامن مع تحقيق ثلاثة مكاسب رئيسية: تجديد ولاية "المينورسو" كاملة، إسقاط محاولة فرض المقترح المغربي كأساس وحيد للمفاوضات، والإبقاء على نتيجة التفاوض مفتوحة لتوافق الطرفين دون أي فرض مسبق، وهي معطيات قال الوزير إنها "تعزز الموقف الشرعي للصحراء الغربية داخل الأمم المتحدة".

أما بشأن مالي، فعبر  الوزير عطاف عن قلق بالغ إزاء تفاقم التهديدات الإرهابية، موضحا أن ما يحدث اليوم "هو تجسيد لما حذرت منه الجزائر منذ عامين" عقب انسحاب السلطات المالية من اتفاق السلم والمصالحة. وقال إن استمرار الرهان على الخيار العسكري يهدد وحدة مالي، ويقربها من سيناريوهات شديدة الخطورة، مشدداً على أن الحل الحقيقي لا يمكن أن يكون إلا سياسياً وسلمياً وجامعا لكل أبناء مالي بعيداً عن التدخلات الخارجية.

وختم الوزير كلمته بالتأكيد على أن الجزائر ستبقى متمسكة بثوابتها في كل الملفات، وأن يدها ستظل ممدودة لكل مبادرة تسهم في استعادة السلم والاستقرار، قائلاً: "الجزائر لم تنظر يوما لأمنها بمنظار ضيق، بل تراه جزءاً من أمن محيطها وفضائها الطبيعي، وستظل كذلك مهما كانت التحديات."