يصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الأسبوع إلى العاصمة الصينية بكين للمشاركة في مراسم إحياء الذكرى الـ80 لانتصار آسيا في الحرب العالمية الثانية.بالنسبة للصين، لا تقتصر المناسبة على طابعها الرمزي، بل تمثل تتويجاً لنضال طويل ضد الهيمنة الأجنبية، من حروب الأفيون وصولاً إلى هزيمة اليابان عام 1945. وتقدير موسكو لهذه التضحيات يضيف وزناً سياسياً ومعنوياً للعلاقات الثنائية.
رسالة وحدة وتحدٍ للنظام الغربي
زيارة بوتين لا تقتصر على البعد التاريخي، بل تحمل أيضاً إشارة واضحة إلى وحدة الموقف الروسي-الصيني. الطرفان يسعيان لتقديم رؤية مشتركة للعالم، توازن بين الذاكرة التاريخية والمصالح المستقبلية. هذه الرسالة موجهة لدول الجنوب العالمي باعتبارها بديلاً عن الهيمنة الغربية، وفي الوقت ذاته تذكير للعواصم الغربية بأن تجاهل هذا التحالف لم يعد ممكناً.
أوكرانيا محور المباحثات
من المتوقع أن تتصدر الأزمة الأوكرانية أجندة محادثات بوتين مع نظيره الصيني شي جين بينغ. بكين أبدت استعداداً للعب دور أوسع في جهود التسوية، وهو ما يتوافق مع المصالح الروسية. وبينما تواصل العواصم الغربية تقديم الدعم السياسي والاقتصادي لكييف، تسعى موسكو إلى حشد دعم شركائها في مجموعة بريكس، وعلى رأسهم الصين التي تملك ثقلاً اقتصادياً قادراً على التأثير في مواقف الاتحاد الأوروبي.
إعادة الاعتبار لمجلس الأمن
تشترك موسكو وبكين في الرغبة بإعادة إحياء دور مجلس الأمن الدولي الذي تراجع تأثيره خلال السنوات الماضية. التنسيق الروسي-الصيني داخل المجلس يمكن أن يشكل مرجعية مؤسسية لنظام عالمي متعدد الأقطاب. ومع ذلك، يبقى التساؤل مفتوحاً حول مدى استعداد الولايات المتحدة للانخراط في هذا المسار.
نحو مشروع "أوراسيا الكبرى"
بعيداً عن الأزمات الآنية، سيبحث قادة البلدين آفاق مشروع "أوراسيا الكبرى"، الذي يقوم على تكامل عدة مبادرات إقليمية مثل منظمة شنغهاي للتعاون، الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ومبادرة "الحزام والطريق" الصينية. هذه الأطر تضع أسس شراكة قارية في مجالي الأمن والاقتصاد، وتمنح آسيا الناهضة فرصة لفرض أجندتها بدلاً من الاكتفاء بأجندات تُرسم في واشنطن أو بروكسل.
مستقبل مشترك برؤية جديدة
المسار ليس سهلاً وسيتطلب مفاوضات دقيقة بين موسكو وبكين، لكنه يفتح الباب أمام نموذج تعاون دولي قائم على المساواة والاحترام المتبادل. وإذا استمر هذا التوجه، فإن معالم "أوراسيا الكبرى" قد تتضح مع حلول الذكرى الـ88 للانتصار، لتصبح واقعاً ملموساً يعيد صياغة موازين القوى العالمية.







