أكدت هيئات وشخصيات حقوقية مغربية أن المملكة تعيش اليوم واحدة من أخطر لحظات تاريخها المعاصر مع انهيار لكل أشكال السيادة الحقيقية، داعية إلى أن تكون واقعة مقتل شباب مسالم على يد قوات القمع خلال الاحتجاجات التي شهدتها البلاد، محطة في معركة شعبية أكبر في محاربة الفساد.
وأكد الناشط الحقوقي والسياسي محمد قنديل، المقيم في ايسلاندا، في مقال له، أن البلاد “تعيش لحظة انهيار شامل لكل أشكال السيادة الحقيقية”، فبينما يتم “تسويق صورة دولة قوية مكتملة الأركان، يقف الواقع عاريا تماما أمام شعب مسحوق لا يملك من أمره شيئا، تحكمه تحالفات خارجية وتنهشه شبكات الريع ويوجه مصيره صندوق النقد الدولي”.
وشدد المتحدث على أن “أول خطوة نحو بناء سيادة حقيقية هو الاعتراف بأن النظام المخزني الملكي فقد وظائفه السيادية منذ زمن بعيد وأن دوره تحول إلى دور إداري هامشي ضمن منظومة إقليمية ودولية تتحكم في كل ما يجري في المغرب”.
واليوم -يضيف الكاتب- يتعين على الشعب المغربي أن “يتوقف عن استهلاك الوهم” وأن يدرك أن “استعادة السيادة ليست شعارا، بل معركة وجودية، لأن الشعوب التي لا تملك قوتها ولا قرارها ولا ثرواتها، لن تملك أبدا مستقبلا”.
من جهتها، أكدت الحركة الشبابية التي تقود الاحتجاجات في البلاد منذ نهاية سبتمبر الماضي، في بيان لها، أن “الاستقلال ليس مجرد حدث تاريخي انتهى سنة
1956، بل هو مسار مستمر، وإذا كانت معركة الأجداد هي +تحرير الأرض+ منالمستعمر الأجنبي وقتها، فإن معركة جيلنا اليوم هي +تحرير الإنسان+ من الجهل
والمرض والفساد والريع”.
وترى جمعية ” أطاك المغرب”، في بيان لها، أن “واقعة الشباب الذين قتلوا على يد الدرك المغربي خلال الاحتجاجات تؤكد على أن الدولة مجرمة”، مبرزة تواصل محاكمة مئات الشباب في مختلف المدن المغربية و إدانتهم بأحكام جاهزة هدفها إسكات جيل بدأ يرفع رأسه مطالبا بحقوقه.
وشددت على أن ما وقع خلال الاحتجاجات “ليس “انفلاتا ولا خطأ فرديا ولا استعمالا مفرطا للقوة، بل جريمة دولة بأجهزتها تأتي في سياق سياسي يعرف صعود موجة احتجاجات شعبية واسعة، قابلتها السلطة بتشديد القبضة الأمنية وبمحاولات استباق أي نهوض نضالي عبر المحاكمات والتضييق وترويع الساكنة”.
وأضافت بأن “الدولة في المغرب عبر أجهزتها الأمنية والقضائية، لا تدافع عن القانون ولا عن الاستقرار، بل أداة في يد الطبقات السائدة لحماية مصالحها الاقتصادية والسياسية”، مشيرة إلى أن “هذا المشهد ليس جديدا في البلاد بل استمرار لنهج قديم : من حركة 20 فبراير، مرورا بجريمة طحن محسن فكري في الحسيمة والقمع الذي طال حراك الريف، وصولا إلى جرادة و احتجاجات الحركة الشبابية”.
و استعرضت الجمعية معاناة الشعب المغربي الذي يسحق في الشوارع والمحاكم والمستشفيات عبر مختلف ربوع البلاد، مؤكدة أن “القمع واحد و الجلاد واحد والضحايا من الفئات الشعبية نفسها و يجب على الحركات المناضلة توحيد الجهود من
أجل مواجهة آلة القمع المخزنية”.
واعتبرت أن “مواجهة القمع لن تتحقق عبر الإدانة فقط، بل عبر بناء قوة اجتماعية قادرة على ردع المخزن وحماية المتظاهرين وفرض الحقوق الديمقراطية والاقتصادية”.







