تصاعدت موجة الانتقادات الموجهة إلى المخزن بسبب المقاربة الأمنية القمعية المنتهجة ضد المتظاهرين السلميين, الذين خرجوا للمطالبة بالعدالة الاجتماعية, مع رفع دعوات إلى فتح تحقيق قضائي عاجل في كل الحالات التي كان فيها مساس بالحياة أو السلامة الجسدية للمتظاهرين.
ففي ظل التجاوزات الخطيرة والمشاهد الصادمة التي عاشها الشارع المغربي, من قمع للمحتجين, طالبت الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين "همم" بفتح تحقيق قضائي عاجل في مقتل ثلاثة مواطنين مغاربة بالرصاص, خلال الاحتجاجات السلمية التي شهدتها مختلف مدن المملكة, للمطالبة بالعدالة الاجتماعية ومحاربة الفاسد.
في بيان لها, تداولته وسائل إعلام محلية, أعربت "همم" عن أساها إزاء ما حصل, داعية إلى فتح تحقيق قضائي عاجل من طرف قضاء التحقيق المختص وحده, للتثبت من الوقائع وترتيب المسؤوليات, طبقا للدستور والقواعد القانونية, منبهة إلى أن "الجهة المخولة وحدها لتقديم رواية أولية للأحداث التي سيجري التحقيق بشأنها هي مكونات السلطة القضائية وليس أي جهة إدارية أخرى".
ويذكر أن المجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان, كان قد سبق له أن طالب بفتح تحقيق في كل الحالات التي كان فيها مساس بالحياة أو السلامة الجسدية للمواطنين المغاربة, لدى خروجهم في احتجاجات سلمية مطالبة بالعدالة الاجتماعية, والتي قوبلت باستعمال العنف المفرط من قبل رجال أمن المخزن.
وتعليقا على المقاربة الأمنية القمعية المنتهجة في وجه الاحتجاجات السلمية, قال الأمين العام لحزب "فيدرالية اليسار الديمقراطي" المغربي, عبد السلام العزيز, أن قمع الاحتجاجات الشبابية والاعتقالات العشوائية أججتا الاحتقان والعنف في الشارع, وصل حد استعمال الرصاص الحي وسقوط ضحايا.
وأوضح العزيز في فيديو نشره على صفحة الحزب عبر منصات التواصل الاجتماعي, أن "فيدرالية اليسار" سبق وحذرت من خطورة انزلاق الأوضاع, حيث أصدرت بيانا مع بداية الاحتجاجات دعت فيه السلطات إلى "احترام حق الاحتجاج السلمي وتجنب أي مقاربة قمعية", مشددا على أن "القمع غير مبرر لا دستوريا ولا حقوقيا".
ودعا المسؤول الحزبي إلى إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين في المغرب, وعلى رأسهم شباب حراك الريف الذي طرحوا نفس القضايا الاجتماعية التي خرج الشباب للاحتجاج من أجلها اليوم.
من جهته, نبه القيادي في جماعة "العدل والإحسان" محمد حمداوي, في مقال له على الموقع الرسمي للجماعة, إلى أن "وطأة الظلم المتزايد والتهميش المستمر والتفقير المتعاظم, كل ذلك يشكل مخاطر حقيقية على الاستقرار".
وأضاف قائلا: "عندما نجد أكثر من 2 مليون تحت خط الفقر و5 ملايين في وضعية اقتصادية هشة, و4ر3 ملايين شاب خارج سوق الشغل والتعليم والتكوين, فإننا أمام جيل معذب, مهدد بالتهميش والانزلاق نحو مسارات خطيرة", مؤكدا أن أخطر ما في هذه الأرقام أن "جيل الشباب, الذي يفترض أن يكون قاطرة التنمية, هو أول الضحايا, ببطالة تتجاوز 35 في المائة للفئة العمرية بين 15 و24 سنة, وأكثر من 25 في المئة بطالة في صفوف حاملي الشهادات".
واعتبر الأمر "مؤشرات على فشل ذريع في السياسات الاقتصادية والاجتماعية, وغياب رؤية تنموية حقيقية تراعي الإنسان قبل الأرقام", مبرزا أن "استمرار تجاهل هذه المعطيات وما يتبعها من معاناة على الأرض, يعد مغامرة بمستقبل البلد, وإصرارا على إنتاج نفس المآسي الاجتماعية والاقتصادية".
وأكد محمد حمداوي أن الحل لا يكون بالتضييق والقمع, بل بإطلاق سراح جميع المعتقلين بمن فيهم معتقلي الريف, وإعادة الاعتبار للكرامة وللعدالة.