تسود حالة من الاحتقان والغليان في العديد من القطاعات بالمملكة المغربية مع الاعلان عن إضرابات واعتصامات مصحوبة بوقفات احتجاجية، الأسبوع المقبل، في أعقاب سلسلة الاحتجاجات التي قادتها حركة شبابية مغربية.
وستكون الاضرابات والاعتصامات التي ستشهدها عدة قطاعات مرفوقة بوقفات احتجاجية، في ظل الواقع الصادم وتواصل انتهاج سياسة التجاهل في القطاع الصحي وكذا التدهور الخطير الذي يشهده قطاع التعليم العالي، رغم الاحتجاجات الأخيرة الذي عاشها الشارع المغربي والمنظمة من قبل حركة شبابية رفعت شعارات تطالب بالعدالة الاجتماعية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
ففي قطاع الصحة، أعلنت الأطر في مجال التمريض عن استعدادها للدخول في اعتصام الثلاثاء القادم داخل مقر المندوبية الإقليمية للصحة، احتجاجا على ما وصفته النقابة المستقلة للممرضين وتقنيي الصحة بـ”غياب بوادر الإصلاح وتردي ظروف العمل”.
ويأتي هذا التصعيد عقب حوادث اعتداء طالت اطارات بكل من مصلحة الاستعجالات بالمركز الصحي الحضري سيدي رحال الشاطئ ودار الولادة بالمركز الصحي أولاد عبو بإقليم برشيد، رغم تكرر المطالب بضرورة تشديد حماية الأطر الصحية أثناء مزاولة مهامها.
واعتبرت النقابة المستقلة للممرضين وتقنيي الصحة ببرشيد، في بيان لها، أن “الواقع الصحي بالإقليم يعرف اختلالات بنيوية تتطلب تدخلا عاجلا”، لافتة إلى أن المندوبية “لم تظهر بعد بوادر إصلاح حقيقية”.
وفي نفس السياق وبينما يواصل وزير الصحة والحماية الاجتماعية في حكومة المخزن رسم صورة وردية عن “ورشات الإصلاح الشامل للمنظومة الصحية” و “عدالة الولوج إلى العلاج”، كشفت مصلحة الأم والطفل بالمستشفى الإقليمي أبي القاسم الزهراوي بوزان “واقعا صادما” ينسف الخطاب الرسمي للمخزن من أساسه أمام انهيار الخدمات العمومية في أحد أكثر القطاعات حساسية وواقع طبي متدهور.
وتختصر الأزمة الصحية القائمة في مستشفى أبي القاسم الزهراوي في مشهد واحد تمثل في وجود طبيب واحد فقط لتغطية أزيد من 274 ألف نسمة (أي أزيد من ربع مليون مواطن) في ظروف تصفها الممرضات ب”المرهقة وغير الإنسانية”، مع العلم أنه مع كل حالة ولادة معقدة يتحول المستشفى إلى ساحة سباق مع الموت، حيث تتحمل الأطر الصحية عبء منظومة عاجزة.
وحذر المكتب الإقليمي للنقابة الوطنية للصحة العمومية بوزان، المنضوي تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، من “وضعية كارثية تنذر بانهيار الخدمة العمومية”، منددا ب”تجاهل الخصاص البنيوي وتجميد انتقال الأطر الطبية منذ ثلاث سنوات دون تعويض”.
كما حمل المكتب وزارة الصحة في حكومة المخزن “كامل المسؤولية عن أي مضاعفات أو وفيات محتملة”، متهما إياها ب”التعامل مع الأزمة بمنطق التجاهل البيروقراطي بدل التدخل الاستعجالي”.
وتشهد الأوضاع في قطاع التعليم العالي غليانا متزايدا، حيث أعلن المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بالجديدة، عن تنظيم إضراب الخميس القادم، مرفوقا بوقفة احتجاجية أمام رئاسة جامعة شعيب الدكالي، في إطار برنامج نضالي تصعيدي، إلى حين تحقيق المطالب المشروعة، داعيا إلى مواصلة التعبئة ووحدة الصفوف في مواجهة ما وصفه ب”الاختلالات الخطيرة في التسيير”.
ويتصاعد الاحتقان داخل المدرسة العليا للتربية والتكوين بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة في أعقاب إصدار المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بيانا شديد اللهجة ندد فيه بما وصفه ب”التدهور الإداري غير المسبوق” و “التجاهل المستمر لمطالب الأساتذة”، محملا المسؤولية الكاملة لرئاسة الجامعة فيما آلت إليه الأوضاع داخل المؤسسة.
وشدد البيان على أن الاجتماع الطارئ الذي عقده المكتب المحلي مع مدير المؤسسة لتقييم الوضع الراهن “لم يسفر عن أي تقدم ملموس”، مشيرا إلى أن “غياب المعالجة الجدية للمشاكل المتراكمة أدى إلى شلل واضح في التسيير اليومي وازدياد حدة التوتر داخل المؤسسة”.
كما نددت النقابة بما وصفته ب”إقصاء وتهميش الأساتذة الباحثين من طرف رئاسة الجامعة” من خلال عدم المصادقة على مشاريع التكوين والبحث العلمي دون تقديم مبررات رسمية أو ردود في الآجال القانونية، معتبرة الأمر “استصغارا لمجهودات الأساتذة واحتقارا للعمل الأكاديمي”







