في سياق إقليمي ودولي يتسم بتصاعد التحديات الأمنية المرتبطة بالجريمة المنظمة، وتحت ضغط تزايد ظاهرتي تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، تواصل الجزائر ترسيخ حضورها كفاعل محوري في مقارعة هذه الآفات العابرة للحدود.ومن خلال مبادرات علمية ودبلوماسية متناغمة، تُثبت الجزائر مرة أخرى التزامها الراسخ بنهج شامل يجمع بين الوقاية، التعاون، والتأهيل المؤسساتي.
وفي هذا الإطار، أعلنت وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، اليوم الإثنين، عن انطلاق الملتقى العلمي حول "أساليب التحقيق والمراقبة لتهريب المهاجرين والاتجار بالبشر".
ويأتي هذا الملتقى في إطار الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى مكافحة هذه الظاهرة الإجرامية العابرة للحدود، والتي غالباً ما تستهدف الفئات الهشة وتدار من طرف شبكات إجرامية منظمة. كما يندرج ضمن مقاربة شاملة تتبناها الجزائر، تقوم على تقوية العمل المؤسساتي والأمني وتبادل الخبرات واعتماد أحدث الوسائل التقنية لرصد وتفكيك هذه الشبكات، لا سيما تلك التي تستغل الفضاء الرقمي والمعاملات المالية المعقدة.
وفي سياق موازٍ، يواصل وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، السيد أحمد عطاف، تحركاته الدبلوماسية ضمن المساعي الجزائرية الرامية إلى تعزيز العمل الإفريقي المشترك ودعم آليات السلم والتنمية في القارة، حيث أجرى، اليوم الإثنين، محادثات ثنائية مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، السيد محمود علي يوسف، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، على هامش مشاركته في أشغال الدورة غير العادية الرابعة والعشرين للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي.
وخلال هذا اللقاء، جدد الوزير عطاف تهانيه لنظيره الإفريقي بمناسبة توليه مهامه على رأس المفوضية، معبّراً عن دعم الجزائر الكامل له في أداء مهامه النبيلة، لاسيما فيما يخص تعزيز السلم، وتحفيز جهود التنمية، وترسيخ مسارات التكامل القاري.
وقد شكل اللقاء فرصة لتبادل الرؤى حول أبرز التحديات الراهنة التي تواجه إفريقيا، وفي مقدمتها النزاعات المسلحة، التهديدات الأمنية، وقضايا الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر، حيث شدد الجانبان على ضرورة تفعيل التعاون بين الدول الإفريقية وتعزيز قدرات الهياكل القارية لمجابهة هذه التحديات.
ويبرز هذا التزام الجزائر من خلال التنسيق الوثيق مع مؤسسات الاتحاد الإفريقي وكذا تنظيم ملتقيات علمية ومهنية، مثل الملتقى الجاري بالجزائر العاصمة، الذي يمثل منصة لتكوين الفاعلين الأمنيين والقطاعيين، وتبادل أحدث الممارسات وأساليب التحقيق والمراقبة في مجال مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
كما يهدف الملتقى إلى ترسيخ الحوكمة الرشيدة في التصدي لظاهرتي تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، وتحقيق توازن بين الأبعاد الأمنية والإنسانية، بما يضمن حماية الضحايا وتفكيك الشبكات.
إن تكامل الجهود الداخلية والخارجية يعكس حرص الجزائر على لعب دور فعّال في مواجهة التحديات التي تمسّ القارة، لا من خلال تحركاتها الدبلوماسية فحسب، بل أيضاً عبر دعم المبادرات الأمنية والإنسانية الإقليمية والدولية، وتكريس منطق الشراكة والتضامن بين الدول.
وبذلك، تواصل الجزائر تموقعها كطرف رئيسي في المعادلة الإفريقية، يجمع بين المبادرة السياسية، والديناميكية الدبلوماسية، والجاهزية الأمنية، بما يخدم هدفاً أسمى: إفريقيا آمنة، متضامنة، ومزدهرة.